فصل: باب الجيم مع الفاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 باب الجيم مع الشين

‏{‏جشأ‏}‏ * في حديث الحسن <جَشأَتْ الرُّوم على عَهد عمر رضي اللّه عنه> أي نَهَضَت وأقْبَلَت من بلادها، يقال جَشأَتْ نَفْسِي جُشوءاً‏:‏ إذا نَهَضَتْ من حُزْن أو فَزَع‏.‏ وجَشَأ الرجُل‏:‏ إذا نهض من أرض إلى أرض‏.‏

وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه <فجشأ على نَفْسِه> قال ثعلب‏:‏ معناه ضَيَّق عليها‏.‏

‏{‏جشب‏}‏ * فيه <أنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل الْجَشْبَ من طعام> هو الغليظ الخشِنُ من الطعام‏.‏ وقيل غير الْمأدوم‏.‏ وكلُّ بشع الطَّعم جَشْبٌ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <كان يأتينا بطعامٍ جَشْب>‏.‏

وفي صلاة الجماعة <لو وَجد عَرْقاً سمِيناً أو مِرْمَاتيْن جَشِبَتَيْن لأجاب.> هكذا ذكره بعض المتأخرين في حرف الجيم‏.‏ ولو دُعِيَ إلى مِرْمَاتَيْن جَشِبَتَين أو خَشِبَتَين لأجاب‏.‏ وقال‏:‏ الجشِبُ الغليظ، والخشِب‏:‏ الْيابس، من الخشب‏.‏ والمرماة ظِلْف الشَّاة لأنه يُرْمَى به‏.‏ انتهى كلامه‏.‏ والذي قرأناه وسمعناه - وهو المتداوَلُ بيْنَ أهل الحديث - مِرماتين حَسَنَتَيْن، من الحسن والجوْدة، لأنه عَطَفَهما على العَرْق السَّمِين، وقد فسره أبو عبيد وَمَن بعده من العلماء، ولم يتعرّضوا إلى تفسير الجَشِب والخَشِب في هذا الحديث‏.‏ وقد حكَيْتُ ما رأيْتُ، والعهدة عليه‏.‏

‏{‏جشر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عثمان رضي اللّه عنه <لا يَغُرَّنَّكُم جَشَرُكُم من صلاتكم> الجَشَرُ‏:‏ قوم يَخرُجون بَدَوابّهم إلى المرْعَى ويَبيتُون مكانَهُم، ولا يأوُون إلى البيُوت، فرُبَّما رَأوه سَفَراً فَقَصَرُوا الصَّلاة، فنهاهم عن ذلك، لأن المقام في المَرْعى وإنْ طَال فليْس بسَفَر‏.‏

ومثله حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <يا معَاشِر الجُشَّار لا تَغْتَرُّوا بصَلاتِكم> الجُشَّار‏:‏ جَمْع جَاشِر وهو الذي يكون مَع الجَشَر‏.‏

ومنه الحديث <ومِنَّا مَن هو في جَشْره> ‏(‏أخرجه الزمخشري في <الفائق> حديث ابن عمر‏)‏‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث أبي الدرداء رضي اللّه عنه <مَنْ تَرك القرآن شهْريْن لم يَقْرَأه فقد جَشَرَه> أي تباعد عنه‏.‏ يقال‏:‏ جَشَر عن أهله؛ أي غاب عنهم‏.‏

ومنه حديث الحجاج <أنه كتَب إلى عامله: ابْعَثْ إليّ بالْجشير اللُّؤْلُؤيّ> الجَشِير‏:‏ الجِرَابُ‏.‏ قاله الزمخشري‏.‏

‏{‏جشش‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <أنه سَمع تَكْبيرة رجُل أجَشِّ الصَّوْت> أي في صَوْته جُشَّةٌ، وهي شدَّة وغلط‏.‏

ومنه حديث قُس <أشْدَقُ أجَشُّ الصَّوْت>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أوْلَم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على بَعْض أزْواجه بجَشِيشَة> هي أن تُطْحَن الحِنْطَة طَحنا جَلِيلا، ثم تُجْعَل في القُدُور ويُلقَى عليها لَحْم أو تَمْر وتُطْبَخ، وقد يُقال لها دَشِيشَة بالدَّال‏.‏

ومنه حديث جابر رضي اللّه عنه <فَعَمَدَتْ إلى شَعِير فجَشَّتْه> أي طَحَنَتْه‏.‏

وفي حديث علي رضي اللّه عنه <كان يَنْهَى عن أكْلِ الْجِرِّيّ، والْجِرِّيث والجَشَّاء> قيل هو الطِّحال‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <مَا آكُلُ الجَشَّاء مِن شهْوَتها وَلكِنْ ليَعْلم أهلُ بَيْتي أنَّها حَلال>‏.‏

‏{‏جشع‏}‏ * في حديث جابر رضي اللّه عنه <ثم أقْبَل علينا فقال: أيُّكُم يُحِبُّ أن يُعْرِض اللّه عنه؟ قال: فَجشِعْنَا> أي فَزِعْنَا‏.‏ والجَشَع‏.‏ الجَزَعُ لفِرَاق الإلْف ‏(‏قال السيوطي في الدر النثير‏:‏ الذي في كتب اللغة أشد الحرص وأسوأه‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فَبكى مُعاذ جَشَعاً لفِرَاق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم>‏.‏ * ومنه حديث ابن الخَصاصِيَّة <أخاف إذا حَضَر قِتَالٌ جَشِعَتْ نَفْسِي فكَرِهَت الموتَ>‏.‏

‏{‏جشم‏}‏ في حديث زَيْد بن عَمْرو بن نُفَيْل‏:‏

مَهْمَا تُجَشّمْنِي فَإنّيَ جَاشِمُ*

يُقال‏:‏ جَشِمْتُ الأمْرَ بالكسر، وتَجَشَّمْتُه‏:‏ إذا تَكَلَّفْتَه، وجَشَّمْتُه غَيْري بالتَّشْديد، وأحْشَمْته‏:‏ إذا كَلَّفْتَه إياه‏.‏ وقد تكرر‏.‏

 باب الجيم مع الظاء

‏{‏جظ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أهْلُ النَّارِ كُلُّ حَظٍّ مُسْتَكْبِرٍ> جاء تَفْسِيره في الحديث‏.‏ قيل يارسول اللّه‏:‏ وما الجَظُّ‏؟‏ قال‏:‏ الضَّخْم‏.‏ باب الجيم مع العين

‏{‏جعب‏}‏ * فيه <فانْتَزَع طَلَقاً مِن جَعْبَتِه> الجَعْبَة‏:‏ الكِنَانة الَّتي تُجْعل فيها السّهام‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏

‏{‏جعثل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <سِتَّة لا يَدْخلون الجنة؛ مِنهُم الجَعْثَل، فَقيل له: ما الجَعْثَل؟ قال: الفَظُّ الغَلِيظ> وقيل‏:‏ هو مَقْلُوب الجَثعَل، وهو العَظِيم الْبَطن‏.‏ وقال الخَطّابي‏:‏ إنما هُو العَثْجَل، وهو العَظِيم البَطْن، وكذلك قال الجوهري‏.‏

‏{‏جعثن‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث طَهْفة <ويَبِسَ الجِعْثِنُ> هو أصل النَّبَات، وقيل أصْل الصِّلِّيَان خاصَّة، وهو نَبْتٌ معروف‏.‏‏{‏جعجع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علي رضي اللّه عنه <فأخْذَنا عليهما أن يجَعْجِعَا عند القرآن ولا يُجَاوِزَاه> أي يُقيما عِنْده‏.‏ يقال‏:‏ جَعْجَع القوم إذا أناخوا بالجَعْجَاع، وهي الأرض‏.‏ والْجَعْجاع أيضاً‏:‏ الموْضع الضَّيّق الخَشِن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه كتاب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد <أنْ جَعْجِع بحُسَيْن وأصحابه> أي ضَيّقْ عليهم المكان‏.‏‏{‏جعد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المُلاَعَنَة <إن جاءت به جَعْداً> الجَعْد في صِفات الرجال يكون مَدْحا وَذَمّا‏:‏ فالمدْح مَعْناه أن يكون شَدِيد الأسْرِ والخَلْق، أو يكون جَعْدَ الشَّعَر، وهو ضدّ السَّبْط، لأن السُّبُوطة أكْثَرُها في شُعور العجَم‏.‏ وأما الذَّم فهو القَصير المُتَردّد الخَلْق‏.‏ وقد يُطْلق على البخِيل أيضا، يقال‏:‏ رَجُل جَعْدُ اليَدَيْن، ويُجْمَع على الجِعَاد‏.‏

ومنه الحديث <أنه سَأل أبَا رُهْم الغِفَارِي: ما فَعل النَّفَر السُّودُ الجِعَاد؟>‏.‏

والحديث الآخر <على ناقة جَعْدَة> أي مُجْتَمِعة الخَلْق شَدِيدةٍ‏.‏ وقَدْ تكررت في الحديث‏.‏

‏{‏جعدب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمرو <أنه قال لمعاوية: لقد رأيتُك بالعِراق وإنَّ أمْرَك كَحُقّ الكَهُول، أو كالجُعْدُبَة أو كالكُعْدُبَه> الجُعْدُبة والكُعْدُبَة‏:‏ النُّفَّاخَات الَّتي تكُون من ماء المطَر‏.‏ والكَهُول‏:‏ العَنْكَبُوت، وحُقُّها‏:‏ بيْتُها‏.‏ وقيل الجُعْدُبة والكُعْدُبَة‏:‏ بَيْت العَنْكَبُوت‏.‏ وأثْبَتَ الأزهري القَولين جميعا‏.‏

‏{‏جعر‏}‏ * في حديث العباس <أنه وسَم الْجاعِرتَيْن> هُما لَحْمَتَان يَكْتَنِفَان أصْل الذنَب، وهما من الإنسان في موضع رَقْمَتي الحِمَار‏.‏

ومنه الحديث <أنه كَوى حِمارا في جَاعِرَتَيْه>‏.‏

وكتاب عبد الملك إلى الحجاج <قاتَلك اللّه أسْوَدَ الجاعِرَتَيْن>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عَمْرو بن دينار <كانوا يقولون في الجاهِليَّة: دَعوا الصَّرُورَة بِجَهْله، وإنْ رَمَى بِجَعْرِه في رَحْله> الجَعْرُ‏:‏ ما يَبِس من الثُّفْل في الدُّبُر، أو خَرج يَابِساً‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <إنّي مِجْعَار البَطْن> أي يَابِسُ الطَّبِيعَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديثه الآخر <إيَّاكم ونَوْمَةَ الغداة فإنَّها مَجْعَرة> يُريد يُبْسَ الطَّبيعَة‏:‏ أي إنها مَظِنَّة لذلك‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه نهى عن لَوْنَيْن من التَّمر؛ الجُعْرُور وَلَوْن حُبَيْق> الجُعْرُور‏:‏ ضَرْبٌ من من الدَّقَل يَحْمِل رُطَباً صِغَاراً لا خَيْر فيه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه نزل الجِعْرَانة> قد تكرر ذكرها في الحديث، وهو موضع قريب من مكة، وهي في الحِلّ، ومِيقاتٌ للإِحْرام، وهي بِتَسْكِين العَين والتَّخْفِيف وقد تُكْسَر العين وتُشدّد الراء‏.‏

‏{‏جعسس‏}‏ * في حديث عثمان رضي اللّه عنه <لمَّا أنْفَذه النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى مكة نزل على أبي سُفيان، فقال له أهْل مكة: ما أتَاك به ابنُ عَمّك؟ فقال: سألني أنْ أُخْلي مكة لجَعَاسِيس يَثْرِب> الْجعَاسِيسُ‏:‏ اللّئام في الخَلْق والخُلُق، الواحد جُعْسُوس بالضم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث الآخر <أتُخَوِّفُنَا بجَعاسِيس يَثْرِب>‏.‏

‏{‏جعظ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <ألا أخْبِرُكم بأهل النار؟ كل جَظٍّ جَعْظ> الجَعْظ‏:‏ العَظِيم في نفسه‏.‏ وقيل السَّيِّء الخُلُق الذي يَتَسَخَّط عند الطَّعام‏.‏

‏{‏جعظر‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <أهل النار كل جَعْظَرِيّ جَوّاظ> الجَعْظَرِيّ‏:‏ الفَظُّ الغلِيظ المُتَكَبّر‏.‏ وقيل هو الذي يَنْتَفِخ بما ليْس عنده وفيه قِصَر‏.‏

‏{‏جعف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <مَثَل المنافق مثل الأَرْزَة المُجْدِيَة حتَّى يكون انْجِعافُهَا مَرَّة> أي انْقِلاعُها، وهو مُطاوع جَعَفَه جَعْفاً‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه مرّ بمُصْعب بن عمير وهو مُنْجَعِف> أي مَصْرُوع‏.‏

وفي حديث آخر <بمصعب بن الزبير> وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏جعل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <ذُكر عنده الجَعَائل، فقال: لا أغْزُو على أجْرٍ، ولا أبيع أجْرِي من الجهاد> الجعَائل‏:‏ جَمْع جَعِيلة، أو جَعَالة بالفتح، والجُعْل الاسم بالضَّم، والمَصْدَرُ بالفتح‏.‏ يقال جَعَلت كذا جَعْلا وجُعْلا، وهو الأجْرة على الشيء فعْلاً أو قولا‏.‏ والمراد في الحديث أن يُكْتَب الغَزْوُ على الرجُل فيُعْطِيَ رَجُلا آخر شيئاً ليَخْرُجَ مكانه، أو يَدْفع المُقيمُ إلى الْغَازِي شيئاً فيُقِيم الغازي ويَخْرُج هُو‏.‏ وقيل الجُعْل أن يُكْتَب البَعْثُ على الغُزَاة فيَخْرُج من الأربعة والخمسة رجُل واحد ويُجْعل له جُعْل‏.‏ ويروى مثْله عن مسروق والحسن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <إن جَعَله عبْدا أو أَمة فغَيْر طائل، وإن جعَله في كُراع أو سِلاَح فلا بأس> أي إن الجُعْل الذي يُعْطِيه للخارج إن كان عَبْدا أو أمَة يَخْتَصُّ به فلا عِبْرة به، وإن كان يُعِينُه في غَزْوة بما يَحْتاج إليه من سِلاح أو كُرّاع فلا بأس به‏.‏

ومنه حديث الآخر <جَعِيلةُ الغَرَق سُحْتٌ> وهو أن يَجْعل له جُعْلا ليُخْرِج ما غَرِق من مَتَاعه، جعَله سُحْتا لأنه عَقْد فاسِد بالجهَالة الَّتي فيه‏.‏

وفيه <كما يُدَهْدِهُ الجُعَل بأنفه> الجُعَل‏:‏ حيَوان معروف كالْخُنْفُسَاء‏.‏

‏{‏جعه‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نهى عن الْجِعَة> هي النَّبِيذ المتَّخَذ من الشَّعير‏.‏

 باب الجيم مع الفاء

‏{‏جفأ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث جرير <خلق اللّه الأرض السُّفْلى من الزَّبَد الجُفَاء> أي من زَبَد اجْتَمع للماء، يقال جَفأ الوادِي جُفَاء> إذا رَمَى بالزَّبد والقَذَى‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث البَراء يوم حنين <انْطَلق جُفَاءٌ من الناس إلى هذا الحَيّ من هَوازن> أراد سَرَعَانَ الناس وأوائلَهم، شَبَّهَهُم بجُفَاء السَّيل، هكذا جاء في كتاب الهروي‏.‏ والذي قرأناه في كتاب البخاري ومسْلم <انْطَلَق أخِفَّاءُ من الناس> جَمْع خَفِيف‏.‏ وفي كتاب الترمذي <سَرَعان الناس>‏.‏

ومنه الحديث <متى تَحِلُّ لنا المَيْتَةُ؟ قال: ما لم تَجْتَفئُوا بَقْلا> أي تَقْتَلِعُوه وتَرْمُوا به، من جَفَأتِ القدْرُ إذا رمَتْ ‏(‏في الأصل‏:‏ <رميت> على جعل <جفأ> متعديا ونصب <القدر> على المفعولية‏.‏ والمثبت من ا واللسان والقاموس‏)‏ بما يَجْتَمع على رأسها من الوَسَخ والزَّبَد‏.‏

وفي حديث خيبر <أنه حرّم الحُمر الأهلية فَجفأوا القُدور> أي فَرّغُوها وقَلَبُوها‏.‏ ويروى <فأجْفَأوا> وهي لغة فيه قليلة مثل كَفَأوا وأكْفَأوا‏.‏

‏{‏جفر‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث حليمة ظِئر النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت <كان يَشِبُّ في اليوم شَبَابَ الصَّبِيّ في الشهر، فبلغ سِتًّا وهو جَفْر> اسْتَجْفَر الصَّبيّ إذا قَوِي على الأكل‏.‏ وأصْلُه في أولاد المَعَز إذا بَلَغ أربعة أشْهُر وفُصِل عن أمّه وأخَذ في الرَّعْي قيل له جَفْر، والأنثى جَفْرة‏.‏

ومنه حديث أبي اليَسَر <فخَرج إليَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث عمر رضي اللّه عنه <في الأرْنَب يُصِيبُها المُحْرِم جَفْرةٌ>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث أم زَرْع <يَكْفِيه ذِرَاع الجَفْرة> مَدَحَتْه بقِلَّة الأكْلِ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <صُومُوا وَوَفَرُوا أشْعاركُم فإنها مَجْفَرَة> أي مَقطَعة للنكاح، ونَقْصٌ للْماء‏.‏ يقال جفَر الفحْلُ يَجْفُر جُفُورا‏:‏ إذا أكثر الضِّرَاب وعَدَل عَنه وتركه وانقطع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أنه قال لعثمان بن مَظْعُون: عليك بالصوم فإنه مَجْفَرة>‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <أنه رأى رجُلا في الشمس، فقال: قُم عنها فإنها مَجْفَرة> أي تُذْهب شهوة النِّكاح‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <إيَّاكُم ونَوْمةَ الغَداة فإنها مجفرة> وجعله القُتيبي من حديث علي‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث المغيرة <إيَّاك وكلَّ مُجْفِرَة> أي مُتَغيرةِ ريح الجسد، والفِعْل منه أجفَر، ويجوز أن يكون من قولهم امرأة مُجْفِرَة الجنْبَيْن‏:‏ أي عَظيمَتُهما‏.‏ وجفَر جَنْبَاه‏:‏ إذا اتَّسَعا، كأنه كَرِه السِّمَن‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <من اتخذ قَوْساً عَرَبية وجَفيرها نفى اللّه عنه الفَقْر> الجفير‏:‏ الكِنانَة والجَعْبَة التي تُجعل فيها السِّهام، وتَخْصِيصُه القِسِيّ العربية كَرَاهة زِيّ العجم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث طلحة <فَوَجدْناه في بعض تلك الجِفَار> هي جمع جُفْرة بالضم‏:‏ وهي حفرة في الأرض، ومنه الجَفْر، للبئر التي لم تُطْو‏.‏

وفيه ذكر <جُفْرة> هي بضم الجيم وسكون الفاء‏:‏ جُفْرة خالد من ناحية البصرة، تنْسب إلى خالد بن عبد اللّه بن أسيد، لها ذكر في حديث عبد الملك بن مروان‏.‏

‏{‏جفف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث سِحر النبي صلّى اللّه عليه وسلم <أنه جُعل في جُف طَلْعةِ ذَكَر> الجفّ‏:‏ وِعاء الطَّلْع، وهو الغِشاء الذي يكون فَوْقَه‏.‏ ويروى في جُبّ طلْعة، وقد تقدّم‏.‏

وفيه <جَفَّت الأقلام وطُوِيت الصُّحُف> يريد أن ما كُتِب في اللوح المحفوظ من المقَادِير والكائنات والفرَاغ منها؛ تمثيلاً بفراغ الْكاتب من كتابته ويُبْس قَلمه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <الجفَاء في هَذيْن الجُفَّين ربيعة ومُضَر> الجُفَّ والجُفَّة‏:‏ العدَدُ الكثير والجماعة من الناس، منه قيل لبَكْر وتميم الجُفّان‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ الجَفَّة بالفتح‏:‏ الجماعة من الناس‏.‏

ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <كيف يَصْلح أمْرُ بلدٍ جُلُّ أهْله هذان الجُفّان>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث عثمان رضي اللّه عنه <ما كنتُ لأَدَع المسلمين بين جُفَّيْن يضرب بعضهم رِقَاب بعض>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <لا نَفَلَ في غنيمة حتى تُقْسم جُفَّةً> أي كلُّها ويروى <حتى تُقْسم على جُفَّته> أي على جماعة الجيش أولاً‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي سعيد رضي اللّه عنه <قيل له: النبيذ في الجُفِّ؟ قال: أخْبثُ وأخْبثُ> الجُفُّ‏:‏ وِعاءٌ من جلُود لا يُوكأ‏:‏ أي لا يُشَدّ‏.‏ وقيل هو نصف قربة تُقْطع من أسفلها وتُتَّخذُ دَلواً‏.‏ وقيل هو شيء يُنْقَرُ من جذوع النَّخْل‏.‏

وفي حديث الحدَيْبِية <فجاء يقوده إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عَلَى فرس مجفَّفٍ> أي عليه تِجْفاف، وهو شيء من سلاح يُتْرَك على الفرس يقيه الأَذَى‏.‏ وقد يلْبَسُه الإنسان أيضا، وجمعه تَجافيف‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي موسى رضي اللّه عنه <أنه كان على تجافِيفه الدّيباجُ>‏.‏‏{‏جفل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لما قَدِم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة انْجَفَل الناس قِبَله> أي ذَهبوا مُسرِعين نَحوه‏.‏ يقال‏:‏ جفَل، وأجفل، وانْجفل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ فيه <فنعس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم على راحِلته حتى كاد يَنْجَفل عنها> هو مُطاوع جفله إذا طَرَحه وألقاه‏:‏ أي ينْقَلب عنها ويسقُط‏.‏ يقال ضَرَبه فَجَفَلَه‏:‏ أي ألْقاه على الأرض‏.‏‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <ما يَلِي رَجُل شيئاً من أمور الناس إلاّ جِيءَ به فيُجْفَل على شَفير جهنم>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث الحسن<أنه ذكر النَّار فأجفل مَغْشيًّا عليه> أي خَرَّ إلى الأرض‏.‏

وحديث عمر رضي اللّه عنه <أنَّ رجلا يهوديا حمل امرأة مسلمةً على حمار، فلما خرج من المدينة جفلها، ثم تجثّمها لينكحَها، فأُتِي به عمرُ فقتله> أي ألْقاها على الأرض وَعَلاَها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث ابن عباس رضي اللّه عنه <سأله رجُل فقال: أتي البَحْر فأجدُه قد جَفَل سمكا كَثيرا، فقال: كل، ما لم تر شيئا طَافياً> أي ألْقاه ورَمى به إلى البَرّ‏.‏

وفي صفة الدجال <أنه جُفَالُ الشَّعَر> أي كثيره‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنَّ رجُلا قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم يوم حنين: رأيت قوماً جافِلَةً جبَاهُهُم يَقْتُلون الناس> الجَافل‏:‏ القائم الشَّعَر المُنْتَفِشُه‏.‏ وقيل الجافِل‏:‏ المنزعجُ‏:‏ أي مُنْزَعجةً جِبَاهُهم كما يعْرِض للغَضْبان‏.‏

‏{‏جفن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه قيل له: أنت كذا، وأنت كذا، وأنت الجَنْة الغَرَّاء> كانت العرب تَدْعو السيد المِطعَام جَفْنَة ‏(‏أنشد الهروي لشاعر يرثي‏:‏

يا جَفْنةً كإِزاء الحوض قدْ كفأوا ** ومنطقاً مثلَ وشيِ اليُمْنَةِ الحِبَرَه‏)‏

لأنه يضعها ويُطْعم الناسَ فيها فَسُمي باسمها‏.‏ والغَرَّاء‏:‏ البيضاء‏:‏ أي أنها مملُوءة بالشَّحْم والدُّهْن‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي قتادة <نَادِيا جفْنةَ الرَّكبِ> أي الذي يطْعِمهم ويُشْبِعهم‏.‏ وقيل أراد يا صاحب جفْنةَ الرَّكب‏.‏ فحذف المضاف للعلم بأن الجَفنة لا تُنادَى ولا تُجيب‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه انْكَسر قَلُوص من إبل الصدقة فجفَنَها> أي اتَّخَذَ منها طَعَاماً في جفنة وجمع الناسَ عليه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الخوارج <سُلّوا سُيوفكم من جفونها> جفون الُسُّيوف‏:‏ أغمادُها، وَاحِدُها جفن‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏جفأ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه كان يُجَافِي عَضُدَيْه عن جَنْبَيْه للسُّجود> أي يُباعِدُهُما‏.‏

ومنه الحديث الآخر <إذا سجدتَ فَتَجافَ> وهُو من الجَفَاء‏:‏ البُعْد عَن الشيء‏.‏ يقال جَفَاه إذا بَعُدَ عَنْه، وأجْفاه إذا أبْعَدَهُ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <اقْرَأوا القرآن ولا تَجْفُوا عنه> أي تَعَاهَدُوه ولا تَبْعُدُوا عن تِلاَوَتِه‏.‏

والحديث الآخر <غَيْر الْجَافِي عَنْه ولا الْغَالِي فيه> والجَفَاء أيضاً‏:‏ تَرْك الصّلَة والْبِرّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <البَذَاء من الجَفَاءِ> البَذَاء - بالذال المعجمة - الفُحْش من القَوْل‏.‏‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <من بَدَا جَفَا> بالدَّال المُهْملة‏:‏ خَرج إلى البَادِية‏:‏ أي مَنْ سَكَن البادِية غَلُطَ طَبْعُه لِقِلَّة مُخالَطة الناس‏.‏ والجَفَاء‏:‏ غِلَظُ الطبع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه في صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم <لَيْس بالْجَافِي وَلاَ المهِين> أي ليْسَ بالْغَلِيظ الخِلْقَة والطَّبْع، أو لَيْسَ بالذي يَجْفُوا أصْحَابَه‏.‏ والمُهِين‏:‏ يُروى بضم الميم وفتحها‏:‏ فالضَّمُّ على الفَاعِلِ، مِنْ أهان‏:‏ أي لا يُهين مَنْ صَحِبَه، والفتح على المفْعُول، من المهَانة‏:‏ الحَقَارة، وهو مَهِين أي حَقير‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لا تَزْهَدَّنَّ في جَفَاء الحِقْوِ> أي لا تَزْهَدَّنَّ في غِلَظ الإزَار، وهو حَثٌّ على تَرك التَّنَعُّم‏.‏

وفي حديث حُنين <وخَرَجَ جُفَاءٌ من النَّاس> هكذا جاء في رِواية‏.‏ قالوا‏:‏ مَعْناه سَرَعاَن النَّاس وَأَوَائلُهم، تَشْبِيها بِجُفَاء السَّيْل، وهُوَ ما يَقْذِفُه من الزَّبَد والوسَخ ونَحْوِهِما‏.‏

 باب الجيم مع اللام

‏{‏جلب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لاَ جَلَبَ ولا جَنَبَ> الجلَب يكُون في شَيْئين‏:‏أحَدُهما في الزَّكاة، وهو أن يَقْدَم المُصَدِّق على أهْل الزكاة فَيَنْزِلَ مَوْضِعا، ثم يُرْسِلَ مَنْ يَجْلِب إليه الأمْوال من أماكِنِها ليأخذ صدَقَتها، فنُهِيَ عن ذلك، وأُمِر أن تُؤخَذَ صَدَقَاتُهم على مِيَاهِهم وأماكنهم‏.‏ الثاني أن يكون في السّبَاق‏:‏ وهُو أن يَتْبَع الرجُلُ فرسَه فيَزْجُره يَجْلِب عليه ويصيح حَثًّا لَهُ على الجَرْي، فنهِيَ عن ذلك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الزبير رضي اللّه عنه <أن أمه قالت أضْرِبه كي يَلَبُّ، ويَقُودَ الجيْش ذا الجلب (الرواية في الهروي:

أَضربَهُ لِكَي يَلَبْ ** وكَيْ يقودَ ذا الجَلَبْ>‏)‏ قال القتيبي‏:‏ هو جمع جَلَبَة وهي الأصوات‏.‏

وفي حديث علي رضي اللّه عنه <أراد أن يغالط بما أجلبَ فيه> يقال أجْلَبوا عليه إذا تَجمَّعوا وتألَّبُوا‏.‏ وأجلَبَه‏:‏ أعانه‏.‏ وأجْلب عليه‏:‏ إذا صاح به واسْتَحَثَّه‏.‏

ومنه حديث العقبة <إنكم تبايعون محمدا على أن تُحاربوا العرب والعجم مُجْلِبة> أي مُجْتَمعين على الحرب، هكذا جاء في بعض الروايات بالباء، والرواية بالياء تحتها نقطتان، وسيجيء في موضعه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <كان إذا اغْتَسل من الجنابة دعَا بشيء مِثْل الجُلاَّب فأخَذ بكَفِّه> قال الأزهري‏:‏ أرَاه أراد بالجُلاَّب مَاء الوَرْد، وهو فارسي مُعَرّب، واللّه أعلم‏.‏ وفي هذا الحديث خِلاف وكلام فيه طول، وسَنذكُره في حَلب من حرف الحاء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سالم <قَدِم أعْرابي بِجَلُوبة فنزل على طلحة، فقال طلحة: نَهَى النبي صلّى اللّه عليه وسلم أن يبيعَ حاضِرٌ لِبَادٍ> الجَلُوبة بالفتح‏:‏ ما يُجْلَبُ للبيع من كل شيء، وجَمْعُه الجَلاَئب‏.‏ وقيل الجلائب‏:‏ الإبِلُ التي تُجْلَبُ إلى الرَّجُل النَّازِل على الماء ليْسَ له ما يَحْتَمِل عليه فيَحْملونه عَليها‏.‏ والمراد في الحديث الأوّلُ، كأنه أرادَ أن يبيعها له طلحة‏.‏ هكذا جاء في كتاب أبي موسى في حرف الجيم، والذي قرأناه في سنن أبي داود <بحَلُوبة> وهي الناقة التي تُحْلَبُ، وسيجيء ذكرها في حرف الحاء‏.‏

وفي حديث الحديبية <صَالِحوهُم على أن لا يَدْخُلوا مكة إلاَّ بجُلْبان السلاح> الجُلْبان - بضم الجيم وسكُون اللاَّم -‏:‏ شِبه الجِرَاب من الأَدَم يُوضع فيه السيف مَغْمُودا، ويَطْرَح فيه الراكِبُ سوطَه وأدَاته، ويُعَلِّقه في آخره الكُور أو واسطته، واشتِقَافه من الجُلْبَه، وهى الجلْدَة التي تُجْعَل على القَتَب‏.‏ ورواه القتيبى بضم الجيم واللام وتَشْدِيد الباء، وقال‏:‏ هو أوعِيَةُ السلاح بما فيها ولا أُراه سُمَي به إلاَّ لجفائه، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الجافية جُلُبَّانة، وفي بعض الروايات <ولا يَدْخُلها إلا بجُلُبَّان السلاح>‏:‏ السيفِ والقَوسِ ونحوه، يريد ما يحْتاج في إظْهاره والقِتَال به إلى مُعانَاة، لا كالرّماح لأنها مُظْهرة يمكن تعجيل الأذى بها‏.‏ وإنما اشْترطوا ذلك ليكُون عَلَماً وأمارة للسلم؛ إذ كان دُخولهم صُلْحا‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مالك <تُؤخذ الزكاة من الجلْبَان> هو بالتَّخفيف‏:‏ حَبٌّ كالماش، ويقال له أيضا الخُلَّرُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث علي رضي اللّه عنه <من أحَبَّنَا أهْلَ البيت فَلْيُعِدَّ للفَقْر جِلْباباً> أي ليَزْهدْ في الدنيا، ولْيَصْبِرْ على الفَقْر والقلَّة‏.‏ والجِلْبَابُ‏:‏ الإزَارُ والرّدَاء‏.‏ وقيل المِلْحَفَة‏.‏ وقيل هو كالمِقْنَعَة تُغَطّي به المرأة رأسها وظَهْرَها وصدرَها، وَجَمْعُه جَلاَبيبُ، كنى به عن الصَّبْر، لأنه يَسْترُ الفَقْر كما يَسْترُ الجلبابُ البَدَن‏.‏ وقيل إنما كنى بالْجلباب عن اشتماله بالفَقْر‏:‏ أي فَلْيَبَسْ إزار الفَقْر‏.‏ ويكون منه على حالةٍ تَعُمُّه وتَشْمَلُه؛ لأن الغنَى من أحوال أهل الدنيا، ولا يتهَيَّأ الجمع بين حُبّ الدنيا وحُبّ أهل البيت‏.‏

ومنه حديث أم عطية <لِتُلْبِسها صاحِبتُها من جِلْبَابها> أي إزارِها، وقد تكرر ذكر الجلباب في الحديث‏.‏‏{‏جلج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لما نزلَت: إنا فتحْنا لك فتحاً مُبيناً لِيَغْفِرَ لكَ اللّه ما تقدّم مِن ذنبك وما تأخّر، قالت الصحابة. بَقِينا نَحْنُ في جَلَجٍ لا نَدْرِي ما يُصْنع بنَا> قال أبو حاتم‏:‏ سألت الأصمعي عنه فلم يعرفه، وقال ابن الأعرابي وسلمة‏:‏ الجلَجُ‏:‏ رُؤوس الناس، واحدتها جلَجَة، المعنى‏:‏ إنَّا بقينا في عَدَدِ رُؤسِ كثير من المسلمين‏.‏

وقال ابن قتيبة‏:‏ معناه وبقينا نحن في عّدّد من أمْثالنا من المسلمين لا نَدْري ما يُصْنَع بنا، وقيل الجلَج في لغة أهل اليمامة‏:‏ جِبابُ الماء، كأنه يريد‏:‏ تُركْنا في أمر ضَيّق كضيق الجِبَاب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه كتاب عمر رضي اللّه عنه إلى عامله بمصر <أن خُذْ مِن كل جَلَجَة من القِبْط كذا وكذا> أرادَ من كل رَأسٍ‏.‏

ومنه حديث أسلم <إن المغيرة بن شعبة تَكنَّى أبا عيسى، فقال له عمر: أما يكْفيك أن تُكنَّى بأبي عبد اللّه؟ فقال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كَنَّاني أبا عيسى، فقال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وإنا بعْدُ في جَلَجَتِنَا> فلم يزَلْ يُكنى بأبي عبد اللّه حتى هلك‏.‏

‏{‏جلجل‏}‏ * في حديث ابن جُرَيج <وذكر الصدَقة في الجُلْجُلاَنِ> هو السمْسِمُ‏.‏ وقيل حَبٌّ كالْكُزْبَرة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ان عمر رضي اللّه عنهما <أنه كان يَدَّهِن عند إحْرامه بدُهْن جُلْجُلاَن>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الخُيَلاَء <يُخْسَف به فهو يَتَجَلْجَلُ فيها إلى يوم القيامة> أي يَغُوص في الأرض حين يُخْسَفُ به‏.‏ والجَلْجَلَة‏:‏ حَركة معَ صَوْت‏.‏

وفي حديث السفر <لا تَصْحَب الملائكةُ رُفْقَةً فيها جُلْجُلٌ> هو الجرَسُ الصَّغير الذي يُعَلَّق في أعناق الدَّوابّ وغيرها‏.‏

‏{‏جلح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الصدقة <ليس فيها عَقْصَاءُ ولا جَلْحَاءُ> هي الَّتي لا قَرْنَ لها‏.‏ والأجْلَح من الناس‏:‏ الذي انْحسَر الشَّعَر عن جَانِبيْ رَأسه‏.‏

ومنه الحديث <حَتَّى يَقْتصَّ للشَّاة الجَلْحَاء من القَرْناء>‏.‏‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث كعب <قال اللّه تعالى لِرُومِيَّةَ: لأدَعَنَّكِ جَلْحَاءَ> أي لا حِصْنَ عَلَيْكِ‏.‏ والحُصُون تُشَبِّه بالقُرون، فإذا ذَهَبَتِ الحُصُون جَلِحَت القُرى، فصارت بمنْزلة البَقَرة الَّتي لا قَرْنَ لها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث أبي أيوب <مَنْ باتَ على سَطْحٍ أجْلَحَ فلا ذِمَّةَ له> يريد الذي لَيْسَ عليه جِدَار ولاَ شيء يَمْنَع من السُّقوط‏.‏

وفي حديث عُمَر وَالكاهن <يا جَلِيحُ أمْرٌ بَجِيح> جَلِيح اسْم رجُل قَدْ نَاداه‏.‏

‏{‏جلخ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الإسراء <فإذا بنَهْرَيْن جِلْوَاخَيْن> أي وَاسِعَيْن، قال‏:‏ألاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أبِيتَنَّ لَيْلَة ** بأبْطحَ جِلْوَاخٍ بأسْفَلِه نَخْلُ

‏{‏جلد‏}‏ * في حديث الطَّوَاف <لِيَرى المشْرِكون جَلَدَهم> الجَلَد‏:‏ القُوّة والصَّبْر‏.‏

ومنه حديث عمر <كان أجْوفَ جَلِيداً> أي قَوِيًّا في نَفْسه وجسْمه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث القَسَامة <أنَّه اسْتَحْلف خَمسة نَفَرٍ، فَدخَل رَجُل من غَيْرهم فقال: رُدُّوا الأيْمان على أجَالِدِهِم> أي عليهم أنْفُسِهم‏.‏ والأجَالِد جَمْع الأجْلاَد‏:‏ وهو جِسْمُ الإنْسَان وشَخْصُه ‏(‏أنشد الهروي للأعشى‏:‏

وبيداءَ تحسب آرامَها ** رجالَ إياد بأجْلاَدِها‏)‏‏.‏

يُقال فُلان عَظِيم الأجْلاَد، وضَئِيل الأجْلاَد، وما أشبه أجْلاَدَه بأجْلاَد أبِيه‏:‏ أي شَخْصَه وجِسْمه‏.‏ ويقال له أيضا التَّجالِيد‏.‏

ومنه حديث ابن سيرين <كان أبو مَسْعود تُشَبَّهُ تَجالِيده بِتَجالِيدِ عُمَر> أي جسمه بِجسْمه‏.‏

وفي الحديث <قَوْم من جِلْدَتِنا> أي من أنْفُسِنا وعَشِرتِنا‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الهجرة <حَتَّى إذا كُنَّا بأرْضٍ جَلْدَة> أي صُلْبة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سُراقة <وَحِلَ بي فَرسِي وإنّي لَفِي جَلَدٍ من الأرض>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <كُنْتُ أدْلُو بِتَمْرة أَشْتَرِطها جَلْدة> الجَلْدة بالفتح والكسْر‏:‏ هي اليَابِسة اللِّحّاء الجَيِّدة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <أن رجُلا طَلَب إلى النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم أن يُصَلّي معَه بالليل، فأطال النبي صلى اللّه عليه وسلم في الصَّلاة، فَجُلد بالرجُل نَوْماً> أي سَقَط من شِدّةِ النَّوم‏.‏ يُقال جُلِدَ به‏:‏ أي رُمِيَ به إلى الأرض‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الزبير <كُنْتُ أتَشَدّدُ فيُجْلَدُ بي> أي يَغْلِبُني النَّومُ حتَّى أقَع‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الشافعي رضي اللّه عنه <كان مُجَالد يُجْلَد> أي كان يُتَّهَم ويُرْمَى بالكَذِب‏.‏ وقيل فُلان يُجْلَد بكُلّ خَير‏:‏ أي يُظَنُّ به، فكأنَّه وضعَ الظَّنّ مَوْضع التُّهمَة‏.‏

وفيه <فنَظر إلى مُجْتَلَدِ القَوم فقال: الآن حَمِيَ الوَطيسُ> أي إلى مَوْضع الْجِلاَد، وهو الضّرْبُ بالسَّيف في القتال‏:‏ يقال جَلَدْته بالسَّيف والسَّوط ونَحْوه إذا ضَرَبْتَه به‏.‏

ومنه حديث أبي هريرة في بعض الرّوَيات <أيُّما رجُلٍ من المسْلمين سبَبْتُه أو لَعنْتُه أو جَلَدتُّه> هكذا رواه بإدْغام التَّاء في الدَّال، وهي لُغَيَّة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <حسْنُ الخُلق يُذِيب الخطايا كما تُذِيبُ الشَّمْسُ الجَلِيدَ> هُو الماء الجَامِد من البَرْد‏.‏

‏{‏جلذ‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث رُقَيْعة <واجْلَوّذ المطَرُ> أي امْتَدّ وَقْتُ تَأخُّرِه وانْقِطَاعه‏.‏

‏{‏جلز‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <قال له رجل: إني أحِبُّ أن أتَجَمَّل بِجِلاَزِ سَوْطِي> الْجِلاَز‏:‏ السَّيْر الذي يُشَدُّ في طَرَف السَّوط‏.‏ قال الخطّابي‏:‏ رواه يحي بن مَعين‏:‏ جلان، بالنون، وهو غلط‏.‏

‏{‏جلس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه أقْطَع بِلال بن الحارث مَعَادِن الجَبَلِيَّةِ غَوْريَّهَا وجَلْسِيَّها> الجَلْسُ‏:‏ كل مُرْتَفِع من الأرض‏.‏ ويقال لنَجْدٍ جَلْسٌ أيضا‏.‏ وجَلَس يَجْلِس فهو جَالِسٌ‏:‏ إذا أتى نَجْداً‏.‏ وفي كِتاب الهروي‏:‏ مَعَادِنَ الجَبَلِيَّة ‏(‏في النسخة التي بأيدينا‏:‏ <القبلية> ليس غير‏)‏، والمشهور مَعَادن القَبَليَّة بالقاف، وهي ناحية قُرْب المدينة‏.‏ وقيل هي من ناحية الفُرْع‏.‏

وفي حديث النساء <بزَوْلَةٍ وجَلْسٍ> يقال امرأة جَلْسٌ إذا كانت تَجْلِسُ في الفٍنَاء ولا تَتَبرَّج‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفيه <وأن مَجْلِسَ بني عَوْف يَنْظُرون إليْه> أي أهْل المجْلِس، على حذف المضاف‏.‏ يقال دَارِي تَنْظُر إلى دَار فُلان، إذا كانت تُقَابِلُها‏.‏

‏{‏جلظ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذا اضْطَجَعْتُ لاَ أجْلَنْظِي> المُجْلَنْظِي‏:‏ المُسْتَلْقِي على ظَهْره رَافعاً رجْليه، ويُهْمَزُ وَلا يُهْمَزُ‏.‏ يقال‏:‏ اجْلَنْظَأْتُ واجْلَنْظَيْتُ، والنُّون زائدة‏:‏ أي لا أنام نَوْمة الكَسْلان، ولكِنْ أنام مُسْتَوْفِزاً‏.‏

‏{‏جلع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفة الزُّبَيْر <أنه كان أجْلَعَ فَرِجاً> الأجْلَعُ‏:‏ الَّذي لا تَنْضَمُّ شَفَتَاه‏.‏ وقيل هو المُنْقَلِبُ الشَّفَة‏.‏ وقيل هو الذي يَنْكَشِف فَرْجُه إذا جَلَس‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي صفة امرأة <جَلِيعٍ على زَوْجها، حَصَانٌ من غيره> الجَلِيع‏:‏ التي لا تَسْتُر نَفْسَها إذا خَلَت مع زَوْجها‏.‏

‏{‏جَلعب‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كان سعد بن معاذ رجُلا جَلْعَاباً> أي طَويلا‏.‏ والجلْعَبَةُ من النُّوق الطَّويلة‏.‏ وقيل هو الضَّخْم الجَسيم‏.‏ ويروى جِلْحَابا‏.‏

‏{‏جلعد‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في شعر حُمَيْد بن ثور‏:‏

فحِمَّلَ الْهَمّ كِنَازاً جَلْعَدَا ‏(‏في ديوانه ص 77 ط دار الكتب <كلازا> والكلاز والكناز‏:‏ الناقة المجتمعة الخلق الشديدة‏.‏ والهم - بكسر الهاء - الشيخ الفاني‏)‏* الجَلْعَدُ‏:‏ الصُّلْبُ الشديد‏.‏

‏{‏جلف‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <فجاء رجُل جِلْفٌ جَافٍ> وأصْلُه من الجِلْف، وهي الشَّاةُ المَسْلوخة التي قُطِع رأسُها وقَوائمها‏.‏ ويُقال للدَّنِّ ‏[‏الفارغ‏]‏ ‏(‏الزيادة من ا وانظر الصحاح واللسان ‏(‏خلف> أيضا جلْفٌ، شُبّه الأحْمقُ بهما لضَعْف عَقْله‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عثمان رضي اللّه عنه <إنّ كل شيء سوَى جِلْفِ الطَّعَام، وظِلّ ثَوْب، وبَيْتٍ يَسْتُرُ فَضْلٌ> الجِلْفُ‏:‏ الخُبْزُ وَحْدَه لا أُدْمَ معَه‏.‏ وقيل الخُبْزُ الغَليظُ اليَابسُ‏.‏ ويُروَى بفَتْح اللام - جمع جِلْفَة - وهي الكِسْرَةُ من الخُبْز‏.‏ وقال الهروي ‏(‏الذي في الهروي‏:‏ قال شمر عن ابن الأعرابي‏:‏ الجلف‏.‏‏.‏‏.‏إلخ‏)‏‏:‏ الجِلْف ها هنا الظَّرْف، مِثْل الخُرْج والجُوَالِق، يُريد ما يُتْرك فيه الخُبْز‏.‏

وفي بعض روايات حديث من تَحِلُّ له المسْألة <ورَجُل أصَابَتْ مالَه جالِفَةٌ> هي السَّنة التي تَذْهَب بأمْوال النَّاس، وهو عَامٌّ في كُلّ آفَةٍ من الآفات المُذْهِبَة للمال‏.‏

‏{‏جلفط‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه <لا أحْمل المسْلمين على أعْوَادٍ نَجَرها النَّجَّارُ وجَلْفَطَها الجِلْفاط> الجِلْفاط‏:‏ الذي يُسَوِّي السُّفُن ويُصْلِحُها، وهو بالطَّاء المهملة، ورواه بعضهم بالمعجمة‏.‏

‏{‏جلق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث عمر رضي اللّه عنه <قال لِلَبيد قَاتلِ أخيه زَيْد يَوْمَ اليَمامة بَعْد أن أسْلَم: أنْت قاتل أخِي يا جُوَالِقُ؟ قال: نَعَم يا أمير المؤمنين> الجُوَالِق بكسْر اللاَّم‏:‏ هو اللّبِيدُ، وبه سُمّي الرجُلُ لَبِيداً‏.‏

‏{‏جلل‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <ذُو الجلال والإكرام>‏.‏ الجلال‏:‏ العَظَمه‏.‏

ومنه الحديث <ألِظُّوا بيا ذَا الجلال والإكرام>‏.‏

ومنه الحديث الآخر <أجِلُّوا اللّه يَغْفِرْ لَكُم> أي قُولُوا يَاذَا الجلال والإكرام‏.‏ وقيل‏:‏ أراد عَظِّمُوه‏.‏ وجاء تفسيره في بعض الروايات‏:‏ أي أسْلِمُوا‏.‏ ويُروَى بالحاء المهملة، وهو كلام أبي الدَّرْدَاء في الأكثر‏.‏

ومن أسماء اللّه تعالى <الجَليل> وهو المَوْصُوف بِنُعُوت الجَلال، والحَاوِي جَمِيعَها هو الجليل المٌطْلَق، وهُو راجِع إلى كمال الصّفات، كما أنَّ الكَبير راجعٌ إلى كمال الذَّات، والعَظِيم رَاجِعٌ إلى كَمال الذَّات والصّفات‏.‏

وفي حديث الدعاء <اللهمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبي كلَّه؛ دِقَّه وجِله> أي صَغِيرَه وكَبِيرَه‏.‏ ويقال‏:‏ مَاله دِقٌّ ولا جِلٌّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الضحّاك بن سفيان <أخَذْتَ جِلَّةَ أمْوَالهم> أي العِظَام الكِبَار من الإبل‏.‏ وقيل هي المسَانّ منها‏.‏ وقيل هو ما بَيْن الثَّنِيّ إلى البَازِل‏.‏ وجُلُّ بالضَّم‏:‏ مُعْظَمُه، فيَجُوز أن يكون أرادَ‏:‏ أخَذْت مُعْظَم أمْوالِهم‏.‏‏(‏س‏)‏ ومنه حديث جابر رضي اللّه عنه <تَزوّجتُ امرأة قد تَجَالَتْ> أي أسَنَّت وكَبِرَت‏.‏‏(‏س‏)‏ وحديث أم صُبَيَّة <كنَّا نَكُونُ في المسجدِ نسْوَةً قَدْ تَجَالَلْنَ> أي كَبِرْنَ‏.‏ يقال‏:‏ جَلَّت فهي جَليلَة، وتَجَالَّت فهي مُتَجالَّةٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فجاء إبْليسُ في صُورَة شَيْخ جَليل> أي مُسِنٍّ ‏(‏أنشد الهروي لكثير‏:‏

وجُنَّ اللَّواتي قُلْنَ عزّةُ جَلَتِ*

أي أسنَّتْ‏)‏‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه نَهى عن أكْل الجَلاَّلَةِ ورُكوبها> الجَلاَّلة من الحَيوان‏:‏ التي تأكل العَذِرَة، والجِلَّة‏:‏ البَعَر، فوُضِع مَوْضع العَذِرَة‏.‏ يقال جَلَّت الدَّابة الجالَّة، واجْتَلتْهَا، فهي جَالَّة، وجَلاَّلة‏:‏ إذا الْتَقَطَتْها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فإِنما قذِرتُ عليكم جَالَّةَ القُرَى>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ والحديث الآخر <فإنما حَرَّمْتُها من أجْل جَوَالّ القَرْيَة> الجَوَالُّ بتشديد اللام‏:‏ جَمْع جَالَّة، كَسامَّة وسَوامّ‏.‏

ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <قال له رجل: إني أريد أن أصْحبَك، قال لا تَصْحَبْني على جَلاَّل> وقد تكرر ذكْرها في الحديث‏.‏ فاما أكْلُ الجَلاّلة فَحلال إن لم يَظْهر النَّتْنُ في لَحْمِهَا، وأما رُكُوبها فلعَله لِمَا يَكْثُر من أكْلِها العَذِرَة والبَعر، وتَكْثُر النَّجاسة على أجْسَامها وأفْواهها، وتَلْمس راكبَها بفَمها وثَوْبَه بعَرَقهَا وفيه أثر العَذِرة أو البَعَر فَيَتَنَجَّس‏.‏ واللّه أعلم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <قال له رجل: الْتَقَطْتُ شَبَكَة على ظَهْر جَلاّل> هو اسْم لِطَريق نَجْد إلى مكة‏.‏‏(‏س‏)‏ وفي حديث سُوَيْد بن الصامت <قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لَعلَّ الذي معَك مثْلُ الذي مَعي، فقال: وما الذي معك؟ قال: مَجَلَّة لُقْمان> كُلُّ كتاب عند العَرب مَجَلَّة، يُريد كتَاباً فيه حكْمة لُقْمان‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أنس رضي اللّه عنه <ألْقِي إليْنا مَجالَّ> هي جَمْع مَجَلَّة، يعني صُحُفا‏.‏ قيل‏:‏ إنها معَرّبة من العِبْرانية‏.‏ وقيل هي عربية‏.‏ وهي مَفْعَلة من الجَلال، كالمَذَلّة والذُّل‏.‏

فيه <أنه جَلَّلَ فَرَساً له سَبَق بُرْداً عَدَنيًّا> أي جَعَل البُرْد لَه جُلاًّ‏.‏

ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه كان يُجَلّلُ بُدْنَه القَباطِيَّ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث علي رضي اللّه عنه <اللَّهُم جَلّلْ قَتَلة عثمان خِزْياً> أي غَطّهم به وألْبسهم إيَّاه كما يَتَجلَّلُ الرجُل بالثَّوب‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث الاستسقاء <وَابِلاً مُجَلِّلاً> أي يُجَلّلُ الأرض بمَائه، أو بنَباته‏.‏ ويُروى بفتح اللام على المفعول‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث العباس رضي اللّه عنه <قال يوم بَدْر: القَتْل جَلَلٌ مَاعَدا مُحمَّداً> أي هَيّن يَسير‏.‏ والْجَلَلُ من الأضْداد، يكون للْحَقِير والعظِيم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <يَسْتُر المُصَلّيَ مثْلُ مؤْخِرة الرَّحْل في مِثْل جُلَّة السَّوْط> أي في مثْل غِلَظِه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أُبَيّ بن خلف <إنّ عنْدي فَرساً أُجِلُّها كلّ يَوْم فَرَقاً من ذُرَة أقْتُلُك عليها، فقال صلى اللّه عليه وسلم: بل أنا أقْتُلك عليها إن شاء اللّه> أي أعْلِفُها إيَّاه، فوضَع الإجلال موضع الإعْطَاء، وأصْلُه من الشيء الجَليل‏.‏‏(‏س‏)‏ وفي شعر بلال رضي اللّه عنه‏:‏

ألاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أبِيتَنَّ لَيْلَة ** بِوَادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وَجَلِيلُ

الجَلِيل‏:‏ الثُّمام، وأحِده جَلِيلَة‏.‏ وقيل هو الثُّمَام إذا عَظُم وجَلَّ‏.‏‏{‏جلم‏}‏ * قوله <فأخَذْتُ منْه بالْجَلَمَيْن> الجَلَم‏:‏ الَّذي يُجَزُّ به الشَّعَر والصُّوف‏.‏ والجَلَمان‏:‏ شَفْرَتَاه‏.‏ وهكذا يقال مُثَنًّى كالمِقَصّ والْمِقَصَّيْن‏.‏‏{‏جلهم‏}‏ * فيه <إنَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخَّرَ أبَا سُفْيان (هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وكان من المؤلفة قلوبهم كما في اللسان) في الْإِذِنِ عَلَيْه وأدْخَل غَيْره من النَّاس قَبْلَه، فقال: ما كدْتَ تأذَنُ لي حتَّى تَأذَنَ لحجَارة الجَلْهَمَيْن قَبْلي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: كُلُّ الصَّيْد في جَوْف الْفَرا> قال أبو عُبيد‏:‏ إنما هُو لحِجَارة الجَلْهَتَيْن، والجَلْهَةُ‏:‏ فَمُ الوَادِي‏.‏ وقيل جانِبُه ‏(‏في الدر النثير‏:‏ <زاد ابن الجوزي: وقال أبو هلال العسكري: جلهمة الوادي وسطه>‏)‏ زِيدَتْ فيها المِيْم كما زِيدَتْ في زُرْقُم وسُتْهُم‏.‏ وأبو عبيد يَرْويه بفتح الجيم والْهَاء، وشَمِرٌ يَرْويه بضَمِّها‏.‏ قال‏:‏ ولم أسمع الجُلْهُمَة إلاَّ في هذا الحديث ‏(‏القائل شمر، كما في اللسان، وفيه وفي الدر والتاج والصحاح <قال أبو عبيد: ولم أسمع بالجلهمة إلا في هذا الحديث وما جاءت إلا ولها أصل>‏)‏‏.‏

‏{‏جلا‏}‏ * في حديث كعب بن مالك <فجَلاَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للناس أمْرهُم ليَتَأهَّبُوا> أي كَشف وأوضح‏.‏

ومنه حديث الكسوف <حَتى تجلَّت الشمس> أي انكشَفَتْ وخرجت من الكسوف‏.‏

يُقَال‏:‏ تَجَلَّتْ وانْجَلتْ، وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي صفة المهدي <أنه أجْلَى الجبهة> الأجْلَى‏:‏ الخفيف شَعَرٍ ما بيْن النَّزَعَتين من الصُّدْغين، والذي انحسر الشعر عن جَبْهته‏.‏

ومنه حديث قتادة في صفة الدَّجال أيضاً <أنه أجْلى الجبهة>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أم سلمة رضي اللّه عنها <أنها كَرِهت للمُحدِّ أن تكْتَحِل بالْجِلاء> هو بالكسر والمد‏:‏ الإثْمِد‏.‏ وقيل هو بالفتح والمد والقَصْر‏:‏ ضَرْب من الكُحْل‏.‏ فأما الحُلاء بضمّ الحاء المهملة والمدّ فحُكاكَة حَجَر على حجر يُكْتحل بها فيتأذَّى البَصَر‏.‏ والمراد في الحديث الأوّلُ‏.‏

وفي حديث العقبة <إِنكم تبايعون محمدا على أن تحاربوا العرب والعجَم مُجْلِيةً> أي حَرْباً مُجْلِيَةً مُخْرِجة عن الدَّار والمال ‏(‏رويت <مجلبة> بموحدة، وسبقت‏)‏‏.‏

ومنه حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <أنَّه خيّر وَفْد بُزَاخة بين الحرْب المُجْلِية والسِّلْم المُخْزِية>‏.‏

ومن كلام العرب <اخْتاروا فإما حَرْبٌ مُجْليةٌ وإما سِلْم مُخْزِية> أي إما حرْب تُخْرِجُكم عن دياركم، أو سلم تُخْزِيكم وتُذِلُّكم‏.‏ يقال جَلا عن الوطن يَجْلُو جَلاءً، وأجْلى يُجْلي إجلاء‏:‏ إذا خرج مُفَارِقاً‏.‏ وجَلَوْته أنا وأجْلَيْتُه‏.‏ وكلامهما لازِم مُتَعَدّ‏.‏

ومنه حديث الحوض <يرِد عليَّ رَهط من أصحابي فيُجْلَون عن الحوض> هكذا روي في بعض الطُّرق‏:‏ أي يُنْفَوْن ويُطْرَدُون‏.‏ والرواية بالحاء المهملة والهمز‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن سيرين <أنه كَرِه أن يَجْلِي امرأته شيئاً ثم لا يَفِي به>‏.‏ يُقال جَلاَ الرَّجل امرأته وصيفاً‏:‏ أي أعْطاها إياه‏.‏

وفي حديث الكسوف <فقُمت حتى تجلاَّني الغَشْيُ> أي غطَّاني وغَشّاني‏.‏ وأصْلُه تَجَلَّلنِي، فأبْدلَت إحدى اللامات ألِفاً، مثل تَظَنّى وتمطَّى في تظنن وتمطَّطَ‏.‏ ويجوز أن يكون معنى تَجَلاَّني الغَشْي‏:‏ ذَهب بقوّتي وصَبري، من الجَلاء، أو ظَهَر بي وبَانَ عليّ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحجَّاج‏.‏

أنَا ابْنُ جَلاَ وطَلاَّعُ الثَّنَايا ‏(‏تمامه‏:‏ *متَى أضَعِ العِمامةَ تعرفوني* وهو لسُحَيْم بن وَثيل الرياحي كما في الصحاح واللسان‏)‏*

أي أنا الظّاهِر الذي لا أخْفي، فكلُّ أحدِ يَعْرِفُني‏.‏ ويقال للسيد ابنُ جَلا‏.‏ قال سيبويه‏:‏ جَلاَ فِعل ماض، كأنه قال‏:‏ أبي الذي جَلاَ الأمور، أي أوْضَحَها وكَشَفَها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <إن ربي عز وجل قد رَفع لي الدُّنيا وأنا أنْظُر إليها جِلِّيَاناً من اللّه> أي إظْهاراً وكَشْفا‏.‏ وهو بكسْر الجيم وتَشْديد اللام‏.‏

 باب الجيم مع الميم

‏{‏جمح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه جمح في أثَره> أي أسْرع إسْراعاً لا يَرُدّه شيء‏.‏ وكل شيء مَضَى لِوَجْهه على أمْرٍ فقد جمَح‏.‏

ومنه حديث عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه <فطَفِق يُجَمّحُ إلى الشَّاهد النَّظَر> أي يُدِيمه مع فتح العين، هكذا جاء في كتاب أبي موسى، وكأنه - واللّه أعلم - سَهْو، فإن الأزهري والجوهري وغيرَهما ذكروه في حرف الحاء قبل الجيم‏.‏ وفسروه هذا التفسير‏.‏ وسيجيء في بابه‏.‏ ولم يذكره أبو موسى في حرف الحاء‏.‏

‏{‏جمد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذا وقَعَت الجوامِدُ فَلا شُفْعَةَ> هي الحدود ما بين المِلْكَين، واحِدها جَامِدٌ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث التَّيْمي <إنا ما نَجْمُد عند الحقّ> يقال جمَد يَجْمُد إذا بَخِل بما يَلْزَمه من الحق‏.‏

وفي شعر وَرَقة بن نوفل‏:‏ *وقَبْلَنا سَبّحَ الجُدِيُّ والْجُمُدُ ‏(‏صدره‏:‏ * سُبحانهُ ثم سبحاناً يعودُ لهُ* وهو في اللسان لأمية بن أبي الصلت‏.‏ وذكر نسبة ابن الأثير العجز لورقة بن نوفل‏)‏*

الجمد - بضم الجيم والميم - جَبل معروف‏.‏ ورُوِي بفَتْحِهما‏.‏

وفيه ذكر <جُمْدَان> هو بضم الجيم وسكون الميم في آخره نون‏:‏ جبل على ليلة من المدينة، مرّ عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال‏:‏ سيرُوا هذا جُمْدَان، سَبَقَ المُفَرِّدون>‏.‏‏{‏جمر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إذَا اسْتَجْمَرَتَ فأوْتِرْ> الاسْتِجْمار‏:‏ التَّمَسُّح بالجمَار، وهي الأحْجار الصّغار، ومنه سُمّيَتْ جِمَار الحج؛ للْحَصى الَّتي يُرمى بها‏.‏ وأمَّا موضع بمِنًى فسُمّي جَمْرة لأنها تُرْمى بالجمار وقيل لأنها مَجْمَع الحَصَى التي يُرْمَى بها، من الجَمْرَة وهي اجْتماع القَبيلة على من نَاوَأها، وقيل سُمَيَت به من قولهم أجمر إذا أسْرَع‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <إن آدم عليه السلام رمى بمِنًى فأجْمَرَ إبليسُ بين يَدَيه>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لا تُجَمِّرُوا الجيش فَتَفْتِنُوهم> تَجْمير الجيش‏:‏ جَمْعهم في الثُّغُور وحَبْسهم عن الْعَوْد إلى أهْلهم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث الهُرْمُزَان <إنَّ كِسْرَى جمَّرَ بُعُوث فارس>‏.‏

وفي حديث أبي إدريس <دخلتُ المسجد والناس أجْمَرُ ما كانوا>‏:‏ أي أجمع ما كانوا ‏(‏ويروى بالخاء المعجمة‏.‏ وسيأتي‏)‏‏.‏

وحديث عائشة رضي اللّه عنها <أجْمَرتُ رأسي إجماراً شديداً> أي جمَعْتُه وضَفرْته‏.‏ يقال أجمر شعره إذا جَعله ذؤابة، والذُّؤابة الجميرة؛ لأنها جُمِّرت أي جُمعَت‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وحديث النخعي <الضافرُ والمُلَبِّد والمجْمِرُ عليهم الحَلْق> أي الذي يَضْفِرُ شعره وهو مُحْرِم يجب عليه حَلْقُه‏.‏ ورواه الزمخشري بالتشديد‏.‏ وقال‏:‏ هو الذي يَجْمَع شعره ويَعْقِدُه في قفاه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لأُ لْحقَنّ كُلّ قوم بِجَمْرَتِهم> أي بِجَماعَتِهم الَّتي هُمْ منها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديثه الآخر <أنه سَأل الحُطَيْئة عن عَبْس ومُقَاوَمتها قَبائلَ قَيْس، فقال: يا أمير المؤمنين كُنا ألْفَ فارِسٍ كأنَّنَا ذَهَبَة حَمْراء، لا نَسْتَجْمِر ولا نُحَالِف> أي لا نَسْأل غَيْرَنا أن يَتَجَمَّعوا إلَيْنَا لاسْتِغْنَائِنا عَنْهُم‏.‏ يُقال‏:‏ جَمَّر بَنُو فُلاَن إذا اجْتَمعُوا وصَارُوا إلْباً واحِداً‏.‏ وبَنُو فُلاَن جَمْرةٌ إذا كانوا أهل مَنعَةٍ وشِدّة‏.‏ وجَمَرات العرَب ثلاث‏:‏ عَبْسٌ، ونُمَيْر، وَبَلْحَلرِث بن كعب‏.‏ والجَمْرَة‏:‏ اجْتِماع القَبِيلَة على مَن نَاوَأها‏.‏ والجَمْرة‏:‏ ألْفُ فَارِس‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إذا أجْمَرْتُم الميَت فَجمّرُوه ثلاثا> أي إذا بَخَّرتُموه بالطِّيب‏.‏ يقال ثَوْبٌ مُجْمَر ومُجَمَّر‏.‏ وأجْمَرْت الثَّوْبَ وجَمَّرْتُه إذا بَخَّرْتَه بالطيب‏.‏ والذي يّتّولَّى ذلك مُجْمِرٌ ومُجمِّر‏.‏ ومنه نُعَيْم المُجْمِر الذي كان يَلِي إجْمار مسْجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <ومَجامرُهُم الألُوَّة> المجَامر‏:‏ جَمْع مِجْمَر ومُجْمَر، فالمِجْمَر بكسر الميم‏:‏ هو الذي يُوضَع فيه النار للبَخُور‏.‏ والمُجْمَر بالضَّم‏:‏ الذي يُتَبَخَّر به وأُعِدّ له الجَمْر، وهُو المراد في هذا الحديث‏:‏ أي إن بَخُورَهم بالألُوَّة وهو العُود‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <كأني أنظر إلى ساقه في غَرْزه كأنها جُمَّارةٌ> الجُمَّارَة قَلْبُ النَّخْلة وشَحْمَتها، شُبّه ساقُه بِبيَاضها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <أنه اُتِيَ بجُمَّار> هو جَمْع جُمَّارَة‏.‏

‏{‏جمز‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث مَاعِز <فَلَمَّا أذْلَقَتْه الحجَارة جَمَز> أي أسْرَع هَارِباً من القَتْل‏.‏ يُقال‏:‏ جَمزَ يَجْمِز جَمْزا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عبد اللّه بن جعفر <ما كان إلاَّ الجمْز> يَعْني السَّير بالْجنَائز‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <يَرُدّونَهم عن دينهم كُفَّاراً جَمَزَى> الجَمزَى بالتَّحْريك‏:‏ ضَرْب من السَّيْر سَريع، فوق العَنَق ودُون الحُضْر‏.‏ يقال‏:‏ النَّاقة تَعْدُو الجمَزَى، وهو منصوب على المصْدر‏.‏‏[‏ه‏]‏ وفيه <أنه توَضَّأ فضَاق عن يدَيْه كُمَّا جُمَّازَة كانَت عليه> الجُمَّازة‏:‏ مِدْرَعَة صُوف ضَيّقَة الكُمَّين‏.‏

‏{‏جمس‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه سُئل عن فأرة وقَعَت في سَمْن، فقال: إن كان جَامساً ألْقَى مَا حولها وأكَل> أي جامداً، جَمس وجَمد بمعْنًى‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن عُمَير <لَفُطْسٌ خُنْسٌ بِزُبْد جُمْسِ> إنْ جَعَلْت الْجُمْس من نَعْت الزُّبْد كان مَعْناه الْجَامِد، وإنْ جَعَلْتَه من نَعْت الفُطْس - وتُريدُ به التَّمر - كان معناه الصُّلْبَ العَلِكَ‏.‏ قاله الخطابي‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ الجَمْسُ بالفتح‏:‏ الجامِد، وبالضم جَمْع جُمْسَة، وهس البُسْرة الَّتي أرْطَبَتْ كُلُّها وهي صًلْبَة لم تَنْهضم بَعْدُ‏.‏

‏{‏جمش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنْ لَقِيتَها نَعْجةً تَحْمِل شَفْرَةً وزِنَاداً بِخَبْتِ الجَمِيش فلا تَهِجْها> الخَبْتُ‏:‏ الأرض الواسعة‏.‏ والجَمِيش‏:‏ الذي لا نبَات به، كأنه جُمِش‏:‏ أي حُلِق، وإنَّما خصَّه بالذّكْر لأن الإنسان إذا سَلَكَه طَال عَلَيْه وَفَنِي زاده واحتَاج إلى مَالِ أخِيه المسْلِم‏.‏ ومعناه‏:‏ إن عَرضَت لك هَذِه الحالَة فلا تَعَرّض لِنَعَم أخيك بوَجْهِ ولا سَبَب، وإن كان ذلك سَهْلا مُتَيّسرا، وهو مَعْنَى قوله‏:‏ تَحْمل شَفْرة وزِناداً، أي معَها آلةُ الذَّبْح والنار ‏(‏انظر مادة <خبت> فيما يأتي‏)‏‏.‏

‏{‏جمع‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <الْجَامِع> هُو الذي يَجْمَع الخلائق ليَوْم الحِسَاب‏.‏ وقيل‏:‏ هو المؤلّف بين المُتَماثِلاتِ، والمُتَبايِنَات، والمتضادّات في الوُجُود‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أُتِيتُ جَوَامِع الكَلِم> يَعْني القرآن، جمَع اللّه بلُطْفِه في الألفاظ اليَسِيرَة منْه مَعَانيَ كَثِيرة، واحِدُها جَامِعَة‏:‏ أي كَلمة جَامِعَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث في صِفَتِه صلى اللّه عليه وسلم <أنه كان يَتَكَلَّم بِجَوامِع الكَلِم> أي أنه كان كَثِير الْمعانِي قَلِيلَ الألْفاظ‏.‏

والحديث الآخر <كان يَسْتَحِبُّ الجَوامِع مِن الدُّعاء> هي التي تَجْمَع الأغْراض الصَّلِحَةَ والمقاصِد الصَّحِيحة، أو تَجْمَع الثَّنَاء على اللّه تعالى وآدَاب المسْئلة‏.‏‏(‏ه‏)‏ وحديث عمر بن عبد العزيز رضي اللّه تعالى عنه <عَجِبْتُ لِمنْ لاَحَنَ النَّاسَ كيْف لا يَعْرِف جَوامِع الكَلم> أي كَيْفَ لا يَقْتَصِر على الوَجِيز ويَتْرُكُ الفُضُول‏!‏

والحديث الآخر <قال له: أقْرِئْني سُورة جامِعَة، فأقْرَأه: إذا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزالَها> أي أنها تَجْمَع أسْباب الخَيْر، لقوله فيها <فمن يعملْ مِثقالَ ذرّةٍ خيْراً يَرهُ، ومن يعملْ مثقالَ ذرّةٍ شرًّا يرهُ>‏.‏

والحديث الآخر <حَدّثْني بِكَلِمة تكون جِمَاعاً، فقال: اتَّق اللّه فيمَا تَعْلَم> الجِمَاع‏:‏ ما جَمَع عَدَداً، أي كَلِمةٌ تَجْمَع كَلِمَاتٍ‏.‏

ومنه الحديث <الخَمْر جِمَاع الإثم> أي مَجْمَعُه ومَظِنَّتُه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث الحسن ‏(‏في اللسان الحسين‏)‏ <اتَّقُوا هذه الأهْواءَ فإن جماعها الضَّلالةُ>‏.‏

وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <وجَعَلْناكُم شُعُوبا وقبائل، قال الشُّعوب: الجُمَّاع، والقبائل: الأفخاذ> الجُمّاع بالضَّم والتَّشديد‏:‏ مُجْتَمَع أصْل كُلّ شيء، أراد مَنْشَأ النَّسَب وأصْلَ المَوْلد‏.‏ وقيل أراد به الفِرَق المُخْتَلفة من الناس كالأوْزَاع والأوْشَاب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <كان في جَبَل تِهَامَة جُمَّاع غَصَبُوا الْمَارّة> أي جمَاعات من قَبائل شَتَّى مُتَفَرّقَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <كما تُنْتَج البَهِيمةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ> أي سَلِيمَة من العيوب، مُجْتمِعَة الأعْضَاء كاملَتها فلا جَدْعَ بها وَلاَ كَيّ‏.‏

وفي حديث الشهداء <المرأة تَمُوت بِجُمْع> أي تَمُوت وفي بَطْنِها وَلَد‏.‏ وقيل الَّتي تمُوت بِكْرا‏.‏ والجُمْع بالضَّم‏:‏ بمعْنى المَجْمُوع، كالذُّخْر بمعْنى المَذْخُور، وكسَر الكسائي الجيم، والمعنَى أنَّها ماتَتْ مع شيء مَجْموع فيها غَيْر مُنْفَصِل عنها، من حَمْل أو بَكارَة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث الآخر <أيُّما امْرأةً مَاتَتْ بِجُمْع لم تُطْمَثْ دخلت الجنة> وهذا يُريدُ به البِكْرَ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه قول امرأة العجَّاج <إنّي منهُ بجُمْع> أي عَذْرَاء لم يَفْتَضَّني‏.‏وفيه <رأيت خاتَم النُّبوّة كأنه جُمْعٌ> يُريد مثْلَ جُمْع الكَفّ، وهو أن يَجْمَع الأصابِع ويَضُمَّها‏.‏ يقال ضَرَبه بِجُمْع كَفِّه، بضَمِّ الجيم‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <صَلى المَغْرب، فلما انصرف درأ جُمْعَةً من حَصى المسجد> الجُمْعَة‏:‏ المجْمُوعة، يقال أعْطِنِي جُمْعَة من تمرٍ، وهو كالقُبْضَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <له سَهْم جَمْع> أي له سَهْم من الخَيْر جُمِع فيه حَظَّان‏.‏ والجيم مفتوحة‏.‏ وقيل أراد بالجَمْع الْجَيْش‏:‏ أي كَسَهْم الجَيْش من الغنيمة‏.‏ ‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الربا <بِع الجَمْع بالدَّراهم، وابْتَع بها جَنيباً> كُلُّ لَوْن من النَّخيل لا يُعْرَفُ اسمه فهو جَمْع، وقيل الجَمعُ‏:‏ تَمْر مختلط من أنواع مُتَفَرّقة وليس مرغوبا فيه، وما يُخْلَطُ إلا لرَدَاءته‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <بَعَثَنِي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الثَّقَل من جَمْعٍ بليَلْ> جَمْع‏:‏ عَلَم للمزدلفة، سميت به لأن آدم عليه السلام وحوّاء لما أهْبِطَا اجْتَمَعَا بها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <من لم يُجْمع الصّيام من الليل فلا صِيامَ له< الإجْمَاع: إحْكام النِّيَّة والعَزيمة. أجْمعتُ الرَّأي وأزمَعْتُه وعزَمْتُ عليه بمعْنًى.

ومنه حديث كعب بن مالك <أجَمعْتُ صِدْقَه>‏.‏

وحديث صلاة السفر <ما لم أُجْمِعْ مُكْثاً> أي مَا لَم أعْزم عَلَى الإقامة‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

وفي حديث أحُدٍ <وإنّ رجُلا من المشركين جَميعَ اللأْمَة> أي مُجْتَمع السِّلاَح‏.‏

ومنه حديث الحَسنِ <أنه سمعَ أنس بن مالك وهو يومئذٍ جَميعٌ> أي مُجْتَمع الخَلْق قَويّ لم يَهْرَم ولم يَضْعُف‏.‏ والضَّمير راجع إلى أنَس‏.‏

وفي حديث الجمعة <أوّل جمْعة جُمّعتْ بعد المدينة بجُوَاثَى> جُمّعَتْ بالتَّشْديد‏:‏ أي صُلّيَتْ‏.‏ ويوم الجمعة سُمّي به لاجتماع الناس فيه‏.‏

ومنه حديث معاذ <أنه وجد أهل مكة يُجَمِّعُون في الحِجْر فنَهَاهُمْ عن ذلك> أي يصَلُّون صلاة الجمعة‏.‏ وإنما نهاهم عنه لأنَّهُمْ كانوا يَسْتَظِلُّون بِفَيْء الحِجْر قبْل أن تزُول الشمس فَنَهَاهُم لتَقْديمهم في الوقْت‏.‏ وقد تكرر ذكر التَّجْميع في الحديث‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي صفته عليه السلام <كان إذا مَشَى مشى مُجْتَمِعاً> أي شَديد الحَرَكَة، قويّ الأعْضَاء، غيْر مُسْتَرْخٍ في المشْي‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إنّ خَلْق أحَدِكُم يُجْمِعُ في بَطْن أمِّه أربَعين يوما> أي إنَّ النُّطْفَةَ إذا وقعَتْ في الرَّحِم فأراد اللّه أن يَخْلُقَ منها بشراً طارَتْ في جِسم المرأة تَحْتَ كُلِّ ظُفُر وشَعَر، ثم تمكثُ أربعين ليلة، ثم تَنْزل دَماً في الرَّحم، فذلك جَمْعُها‏.‏ كذا فسره ابن مسعود فيما قيل‏.‏ ويجوز أن يُريد بالجمع مُكْثَ النُّطفة في الرَّحم أربَعين يوماً تَتَخَمَّر فيه حتى تَتَهيَّأ للخَلْق والتّصْوير، ثم تُخْلَق بعد الأربعين‏.‏

ومنه حديث أبي ذرّ <ولا جِمَاعَ لنَا فِيمَا بَعْدُ> أي لا اجْتِمَاع لنَا‏.‏

وفيه <فجَمعْتُ عَلَيَّ ثيَابِي> أي لَبست الثياب التي نَبْرُزُ بهَا إلى النَّاس من الإزَار والرّدَاء والعِمَامة والدّرْع والخِمَار‏.‏

وفيه <فضَرب بِيَدِه مَجْمع ما بَيْن عُنُقِي وكَتفِي> أي حَيْثُ يَجتمعَان‏.‏ وكذلك مَجْمَع البَحْرَين‏:‏ مُلْتَقاهُمَا‏.‏

‏{‏جمل‏}‏ * في حديث القَدَر <كتابٌ فيه أسْماء أهل الجنة وأهْل النار أُجْمِلَ على آخِرِهم، فلا يُزَادُ فيهم ولا يُنْقَص> أجْمَلْتُ الحِسَاب إذا جَمَعْتَ آحادَه وكمّلْت أفْرادَه‏:‏ أي أُحْصُوا وجُمِعوا فلا يُزاد فيهم ولا يُنْقَص‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <لعنَ اللّه اليهود، حُرِّمَت عليهم الشُّحُوم فجَملُوها وبَاعُوها وأكَلُوا أثْمانَها> جَمَلْتُ الشَّحْم وأجْملْته‏:‏ إذا أذَبْتَه واسْتَخْرَجْت دُهْنه‏.‏ وجَمَلْتُ أفْصح من أجْمَلْت‏.‏

ومنه الحديث <يَأتُونَنا بالسِّقَاء يَجْمُلُون فيه الوَدَك> هكَذا جاء في رواية‏.‏ ويُروى بالحاء المُهْملة‏.‏ وعِنْد الأكْثَرين <يَجْعَلُون فيه الودَك>‏.‏

ومنه حديث فَضالة <كَيْف أنْتُم إذا قعَد الجُمَلاَءُ على المَنابر يَقْضُون بالهوَى ويَقْتُلون بالغَضَب> الجُمَلاَء‏:‏ الضِّخَام الخَلق، كأنَّه جَمْع جَميل، والجَميل‏:‏ الشَّحْم المُذَاب‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث المُلاَعَنة <إنْ جَاءَتْ به أوْرَقَ جَعْداً جُمَالِيًّا> الْجُمَاليُّ بالتَّشْديد‏:‏ الضخْم الأعضَاء التَّامّ الأوصَال‏.‏ يقال ناقة جُمَالِيَّة مُشبَّهة بالجمَل عِظَماً وبَدَانَةً‏.‏

وفيه <هَمَّ الناسُ بِنَحْر بَعْضِ جَمَائِلِهم> هي جَمْع جَمَل، وقيل جمع جِمَالَة، وجِمَالَةٌ جَمْع جَمَل، كرِسَالَةٍ ورَسَائل، وهُو الأشْبَه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <لِكُل أناس في جَمَلِهم خُبْر> ويروى <جُمَيلِهم> على التّصْغير، يُريد صاحِبَهم، وهو مَثَل يُضرب في مَعْرفة كلِّ قوم بصاحِبهم‏:‏ يَعْني أن المُسَوَّد يُسَوَّدُ لِمعْنًى، وأن قومَه لم يُسَوِّدُوه إلا لِمَعْرِفَتِهم بشأنه‏.‏ ويروى <لِكُل أناسٍ في بَعِيرهم خُبْر> فاسْتعار الجَمل والبَعِير للصَّاحِب‏.‏

وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها وسألتْها امرأة <أؤُخِّذ جَملِي؟ > تريد زَوْجها‏:‏ أي أحْبِسُه عن إتْيانِ النِّسَاء غَيْري، فَكَنَتْ بالجَمل عن الزَّوْج لأنه زَوْج النَّاقةِ‏.‏

وفي حديث أبي عُبيدة <أنَّه أذِنَ في جَمَل البَحْر> هو سَمكة ضَخْمَة شَبِيهَة بالجَمل، يقال لها جَمل البَحْر‏.‏

وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنه <كان يَسِير بنَا الأبْرَدَيْن ويَتَّخِذُ اللّيل جَمَلا> يقال للرجُل إذا سَرى لَيْلَته جَمْعَاء، أو أحْياها بصَلاةٍ أو غيرها من العِبَادات‏:‏ اتَّخَذ اللّيل جَمَلا، كأنه ركِبَه ولم يَنَمْ فيه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث عاصم <لَقَد أدْرَكْتُ أقْواماً يَتَّخِذُون هَذَا اللّيل جَمَلاً، ويَشْرَبُون النَّبيذَ وَيَلْبَسُون المُعَصْفَرَ، منهم زِرُّ بن حُبَيْش وأبُو وَائل>‏.‏

وفي حديث الإسراء <ثم عَرَضَتْ له امرأة حَسْنَاء جَمْلاَء> أي جَمِيلَةٌ مَلِيحة، ولا أفْعلَ لَها من لفْظِها، كَدِيمَةٍ هَطْلاء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <جَاء بِنَاقَة حَسْنَاء جَمْلاَء> والجَمَالُ يَقَع على الصُّور والمعَاني‏.‏

ومنه الحديث <إن اللّه تعالى جَمِيل يُحِبُّ الجمَال> أي حَسَنُ الأفْعال كَامِل الأوْصاف‏.‏

وفي حديث مجاهد <أنّه قَرأ: حَتَّى يَلِجَ الجُمَّلُ في سَمِّ الخِياط> الجُمَّل - بضَمّ الجيم وتشديد الميم -‏:‏ قَلْسُ السَّفِينة ‏(‏القلس‏:‏ حبل ضخم من ليف أو خوص ‏(‏قاموس>‏.‏

‏{‏جمجم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أُتِيَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بجُمْجُمَة فيها ماء> الجُمْجُمَة‏:‏ قَدح من خَشَب‏.‏ والجَمْع الجمَاجِمُ، وبه سُمَي دَيْرُ الجماجِم، وهو الذي كانت به وقْعَة ابن الأشْعَثِ مع الحجَّاج بالعِرَاق، لأنه كان يُعْمَل به أقداحٌ من خَشَب‏.‏ وقيل سُمّي به لأنه بُنِي من جمَاجِم القَتْلى لِكَثْرة من قُتِل به‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث طلحة بن مُصَرِّف <رأى رجُلا يَضْحك فقال: إنَّ هذا لم يَشْهَد الجماجم> يريد وقْعَة دَير الجماجِم‏:‏ أي إنه لوْ رأى كَثرة من قُتل به من قُرَّاء المُسْلمين وسادَاتهم لم يَضْحك‏.‏ ويقال للسَادات جَمَاجم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر <ائتِ الكوفة فإن بها جُمْجُمَةَ العرب> أي سادَاتها، لأن الجُمْجُمة الرأسُ، وهو أشرف الأعضاء‏.‏ وقيل جماجم العَرب‏:‏ التي تجمع البطون فيُنْسَب إليْها دُونهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث يحي بن محمد <أنه لم يزَل يرى الناسَ يجعلون الجماجم في الحَرْث> هي الخشبة التي تكون في رَأسها سِكة الحَرْث‏.‏

‏{‏جمم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أبي ذر <قلت: يا رسول اللّه كم الرُّسُل؟ قال: ثَلاَثمائة وخمسةَ عشر - وفي رواية - ثلاثةَ عشر، جمَّ الْغَفير> هكذا جاءت الرواية‏.‏ قالوا‏:‏ والصواب جمّاءَ غفيراً‏.‏ يقال‏:‏ جاء القوم جَمًّا غَفيراً، والْجَمَّاء الغَفِير، وجَمَّاء غَفيراً‏:‏ أي مُجْتمعين كَثيرينَ‏.‏ والذي أُنْكرَ من الرّوَاية صحيح، فإنه يُقال جاؤا الجمَّ الْغفير، ثمَّ حَذَف الألف والّلام، وأضاف، مِن باب صَلاة الأولى، ومَسْجد الجامع‏.‏ وأصْلُ الكلمة من الجُمُوم والجَمَّة، وهي الاجتماع والكَثْرة، والغفير من الغَفْر، وهو التَغطية والستر، فجُعِلَت الكلِمَتان في مَوضع الشُّمُول والإحاطة‏.‏ ولم تَقُل العَرب الجَمَّاء إلا مَوْصُوفاً، وهو منصوب على المصدر، كطُرًّا، وقاطِبَةً، فإنها أسماء وُضِعَتْ موضع المصدر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إن اللّه تعالى لَيَدِينَّ الجَمَّاء من ذات القرن> الجمّاء‏:‏ التي لا قَرْن لها، ويَدِي‏:‏ أي يَجْزي‏.‏

ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أُمِرنا أن نبْني المدائن شُرَفاً والمساجِد جُمًّا> أي لا شُرَفَ لها، وجُمٌّ‏:‏ جمع أجَمّ، شبَّه الشُّرفَ بالقرون‏.‏

ومنه حديث عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه <أما أبو بَكْر بن حَزْم فلو كتَبْتُ إليه: اذْبح لأهل المدينة شاة، لراجَعَني فيها: أقَرْنَاءُ أم جَمَّاءُ؟ > وقد تكرر في الحديث ذكر الجَمَّاء، وهي بالفتح والتشديد والمدِّ‏:‏ مَوْضع على ثلاثة أميال من المدينة‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم جُمَّةٌ جَعْدَة> الجُمَّة من جعد الرأس‏:‏ ما سَقَط على المَنْكِبين‏.‏

ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها حين بَنَى بها رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم <قالت: وقَدْ وَفَتْ لي جُمَيْمة> أي كَثُرت‏.‏ والجُمَيْمَةُ‏:‏ تَصْغير الجُمَّةِ‏.‏

وحديث ابن زِمْل <كأنما جُمَّم شعره> أي جُعل جُمّة‏.‏ ويُروى بالحاء، وسيذكر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لعن اللّه المُجَمِمات من النِّسَاء> هُن اللاتي يَتَخِذْنَ شعورَهنّ جُمّة، تَشْبيها بالرجال‏.‏

وحديث خُزيمة <اجْتَاحَتْ جمِيمَ اليَبيس> الجميم‏:‏ نَبْت يَطول حَتَّى يَصِير مثْل جُمَّة الشَّعَر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث طلحة رضي اللّه عنه <رمَى إليَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بسَفَرْجَلة وقال: دُونَكَها فإنها تُجِمُّ الفُؤاد> أي تريحه‏؟‏‏؟‏ وقيل تَجْمَعه وتُكَمِّلُ صلاحَه ونَشاطه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها في التَّلْبِينة <فإنها تُجِمُّ فُؤادَ المريض>‏.‏

وحديثها الآخر <فإنها مَجَمَّةٌ لها> أي مَظِنَّة للاسْتِراحَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث الحديبية <وإلا فَقَد جموا> أي اسْتراحُوا وكَثُروا‏.‏

وحديث أبي قتادة رضي اللّه عنه <فأتَى النَّاسُ الْمَاء جَامِّين رِوَاءً> أي مُسْتَريحين قَدْ روُوا من الْماء‏.‏

وحديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <لأصْبَحْنا غَداً نَدْخلُ على القوم وبنا جَمَامَة> أي رَاحَةٌ وشِبَع وَرِيٌّ‏.‏‏(‏ه‏)‏ وحديث عائشة رضي اللّه عنها <بلغها أنّ الأحْنف قال شعراً يَلُومها فيه، فقالت: سبحان اللّه: لقد اسْتَفْرَغ حِلْمَ الأحنف هجَاؤه إيَّاي، ألي كان يسْتجمُّ مَثابة سفهه؟ > أرادت أنه كان حَليما عن النَّاس، فلمَّا صار إليها سَفِه، فكأنه كانَ يُجمُّ سَفَهَه لها‏:‏ أي يُرِيحه ويَجْمعه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث معاوية <من أحَبَّ أن يَسْتَجِمَّ له الناسُ قياما فلْيَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار> أي يَجْتَمعون له في القيام عِنده، ويَحْبِسُون أنفُسَهم عليه، ويُرْوى بالخاء المعجمة‏.‏ وسيُذكر‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وحديث أنس رضي اللّه عنه <تُوفِّي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والوحْي أجَمُّ ما كان> أي أكْثَرُ ما كان‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث أم زَرْع <مَالُ أبي زرْع عَلَى الجُمَم مَحبُوس> الجُمَمُ جمع جُمَّة‏:‏ وهم القَوم يَسْألون في الدِّيَة‏.‏ يقال‏:‏ أجَمَّ يُجِمُّ إذا أعْطَى الجُمَّة‏.‏

‏{‏جمن‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في صفته صلى اللّه عليه وسلم <يَتَحدَّر منه العَرَقُ مِثْل الجُمَان> هو اللُّؤلؤ الصّغار‏.‏ وقيل حَبٌّ يُتَّخذ من الفِضَّة أمْثال اللؤلؤ‏.‏

ومنه حديث المسيح عليه السلام <إذا رَفعَ رأسَه تحدَّر منه جُمَانُ اللؤلؤ>‏.‏

‏{‏جمهر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث ابن الزبير <قال لمعاوية: إنا لا نَدَع مَروَان يَرْمِي جمَاهير قرَيش بمَشَاقِصِه> أي جَماعَاتِها، واحِدُها جُمْهُورٌ‏.‏ وجَمْهَرْتُ الشيء إذا جَمَعْتَه‏.‏

ومنه حديث النَّخَعِي <أنه أُهدي له بُخْتَجٌ هُو الجُمْهُورِيّ> البُخْتَج‏:‏ العَصِير المطْبُوخ الحلال، وقيل له الجُمْهُوري لأن جُمْهُور النَّاس يَسْتَعْمِلونه‏:‏ أي أكثرهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث موسى بن طلحة <أنه شَهِدَ دفْن رجُل فقال: جَمْهِرُوا قَبْرَه> أي اجْمَعُوا عليه التُّرابَ جَمْعاً، ولا تُطَيّنُوه ولا تُسَوِّروه‏.‏ والجُمْهُور أيضا‏:‏ الرَّمْلة المُجْتَمِعَة المُشْرِفَة عل ما حَوْلها‏.‏

 باب الجيم مع النون

‏{‏جنأ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنَّ يَهُوديًّا زَنَى بامْرأة فأمَر برَجْمِها، فجَعل الرجُل يُجْنِئُ عليها> أي يُكِبُّ ويَمِيلُ عليها لِيَقِيَها الحجارةَ‏.‏ أجْنَأ يُجْنِئُ إجْنَاءً‏.‏ وفي رواية أخرى <فلَقَد رأيتُه يُجَانِئ عليها> مُفَاعَلَة، من جَانَأ يُجَانئ، ويُروَى بالحاء المهملة‏.‏ وسيجيء‏.‏

ومنه حديث هِرقل في صِفَة إسْحَاق عليه السلام <أبْيَض أجْنَأ خَفِيف العَارِضَين> الجَنَأ‏:‏ مَيْلٌ في الظَّهر‏.‏ وقيل في العُنُق‏.‏

‏{‏جنب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <لا تَدْخُل الملائكة بيتا فيه جُنُب> الجُنُب‏:‏ الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ‏.‏ ويقع على الواحد، والاثْنَين، والجميع، والمؤنَّث، بلَفْظ واحد‏.‏ وقد يُجْمع على أجْنّاب وجُنُبِين‏.‏ وأجْنَبَ يُجْنِبُ إجْنَاباً، والجنَابة الاسْم، وهي في الأصل‏:‏ البُعْد‏.‏ وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع الصلاة ما لم يَتَطَهَّر‏.‏ وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل‏.‏ وأراد بالجُنُب في هذا الحديث‏:‏ الذي يَتْرُك الاغْتِسال من الجنابة عادَةً، فيكون أكْثَر أوقاته جُنُبا، وهذا يدلّ على قِلَّة دِينِه وخُبْث باطِنه‏.‏ وقيل أراد بالملائكة ها هنا غيرَ الحَفَظَة‏.‏ وقيلَ أرادَ لا تَحْضُرُه الملائكة بخيْر‏.‏ وقد جاء في بعض الروايات كذلك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <الإنسان لا يُجْنِبُ وكذلك الثَّوْب والْمَاء والأرضُ> يُريد أن هذه الأشياء لا يَصِيرُ شيء منها جُنُبا يَحْتَاج إلى الغُسْل لِمُلاَمَسَة الجُنُب إيَّاها، وقد تكرر ذكر الجُنُب والجنَابة في غير موضع‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الزكاة والسّبَاق <لا جَلَب ولا جَنَب> الجَنَبُ بالتَّحريك في السِّباق‏:‏ أن يَجْنُب فرَساً إلى فَرسِه الذي يُسابِق عليه، فإذا فَتَر المركُوبُ تَحوّل إلى المجْنُوب، وهو في الزكاة‏:‏ أن يَنْزل العاملُ بأقصَى مَواضِع أصحاب الصَّدَقةِ، ثم يأمُرَ بالأموال أن تُجْنَب إليه‏:‏ أي تُحْضَر، فنُهوا عن ذلك‏.‏ وقيل هو أنْ يَجْنُب ربّ المَال بمَالِه‏:‏ أي يُبْعِدَه عن موضِعه حتى يَحتَاج العاملُ إلى الإبْعاد في اتِّبَاعه وطَلَبه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الفتح <كان خالد بن الوليد رضي اللّه عنه على المُجَنِّبَة اليُمْنَى، والزّبَيْرُ على المُجَنِّبَة اليُسْرى> مُجَنِّبَة الجيْش‏:‏ هي التي تكون في المَيْمنة والمَيْسَرة، وهُما مُجَنِّبَتَان، والنون مكسورة‏.‏ وقيل هي الكتِيبة التي تأخذ إحْدى نَاحِيَتيِ الطريق، والأوّل أصح‏.‏

ومنه الحديث في البَاقِيات الصَّالِحاتِ <هُنَّ مُقَدِّمات، وهُنّ مُجَنِّبَات، وهُنّ مُعَقِّبات>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <وعلى جَنَبَتِي الصراط دَاعٍ> أي جَانِبَاه‏.‏ وجَنَبَة الوادي‏:‏ جانِبه ونَاحِيَتُه، وهي بفتح النُّون‏.‏ والجَنْبَة بسُكون النون‏:‏ النّاحية‏.‏ يقال‏:‏ نَزل فلان جَنْبَةً‏:‏ أي ناحِية‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <عليكم بالجَنْبَة فإنها عَفاف> قال الهروي‏:‏ يقول اجْتَنِبُوا النِّساء والجُلوسَ إليهنّ، ولا تَقْرَبُوا ناحيَتَهنّ‏.‏ يقال‏:‏ رجُل ذُو جَنْبَة‏:‏ أي ذُو اعْتِزال عن الناس مُتَجَنِّب لهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث رُقَيقَة <اسْتَكْفُوا جَنَابَيْه> أي حَوالَيْه، تَثْنِية جَنَاب وهي النَاحية‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الشَّعْبِي <أجْدَب بِنَا الجَنَاب>‏.‏

وحديث ذي المِشْعَار <وأهل جِنَاب الهَضْب> هو بالكَسْر موضع‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الشُّهداء <ذاتُ الجَنْب شَهادةٌ>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث آخر <ذو الجَنْب شهيد>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي آخر <المَجْنُوب شهيد> ذَاتُ الجَنْب‏:‏ هي الدُّبَيْلَة والدُّمّل الكَبِيرة الَّتي تَظْهر في باطن الْجَنْب وتَنْفَجر إلى دَاخِل، وَقلّما يَسْلَم صاحبها‏.‏ وذُو الجَنْب الذي يَشْتكي جَنْبَه بسبب الدُّبَيْلَة، إلاَّ أنَّ ذُو للْمُذَكَّر وذَات للمؤنّث، وصارت ذَاتُ الْجَنْب عَلَماً لَها وإن كانت في الأصل صفةً مُضَافة‏.‏ والمجْنُوب‏:‏ الذي أخَذَتْه ذاتُ الجَنْب‏.‏ وقيل أراد بالمجْنُوب‏:‏ الذي يَشْتَكي جَنْبَه مُطْلقا‏.‏

وفي حديث الحديبية <كأنّ اللّه قد قطع جَنْباً من المشْرِكين> أراد بالجَنْب الأمْرَ، أو القِطْعَة، يقال ما فَعَلْتَ في جَنْب حَاجَتِي‏؟‏ أي في أمْرِها‏.‏ والجَنْبُ‏:‏ القِطْعَة من الشيء تكون مُعْظَمَه أو شيئاً كثيراً منه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي هريرة في الرجُل الذي أصابتْه الفَاقَةُ <فخرج إلى البَرِّيَّة فدَعا، فإذا الرحَا يَطْحَنُ، والتَّنُّور مَمْلُوءٌ جُنُوبَ شِوَاء> الجُنُوب‏:‏ جَمْع جَنْب، يريد جَنْب الشَّاة‏:‏ أي أنه كان في التَّنُّور جُنُوبٌ كثيرة لا جَنْبٌ واحدٌ‏.‏

وفيه <بِعِ الجَمْعَ بالدَّراهم، ثم ابْتَعْ بها جَنِيباً> الجَنِيبُ‏:‏ نوع جيِّد معروف من أنواع التَّمْر‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحارث بن عوف <إن الإبل جُنِّبَتْ قِبَلنا العَام> أي لم تُلْقِح فيكونَ لهَا أَلْبانٌ‏.‏ يقالُ جَنَّبَ بَنُو فُلان فهم مُجَنِّبُون‏:‏ إذا لم يكن في إبلهم لبن، أو قلّتْ ألبَانُهم وهو عامُ تَجْنيب‏.‏

وفي حديث الحجاج <آكُلُ ما أشْرَف من الجَنْبَة> الجَنْبَة - بفتح الجيم وسكون النون - رَطْب الصِّلِّيان من النبات‏.‏ وقيل هُو ما فَوق البَقْل ودُون الشَّجَر‏.‏ وقيل هو كلُّ نَبْت مُورِق في الصَّيْف من غَيْر مَطرٍ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <الجانِب المسْتَغْزِرُ يُثاب مِن هِبَتِه> الجانِبُ‏:‏ الغَرِيبُ يقال‏:‏ جَنَبَ فلان في بَنِي فُلان يَجْنُب جَنابة فهو جَانِب‏:‏ إذا نزل فيهم غَرِيبا‏:‏ أي أنّ الغَرِيب الطَّالب إذا أهْدَى إليك شَيْئاً ليَطْلُب أكْثَر منه فأعْطِه في مُقابَلَة هَدِيّتِه‏.‏ ومَعْنَى المسْتَغْزِر‏:‏ الذي يَطْلُب أَكْثَر ممَّا أعْطَى‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الضحاك <أنه قال لِجَارِيَة: هل من مُغَرِّبَةٍ خبر؟ قال: على جانِبٍ الخبَرُ> أي على الْغَرِيب القَادِم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث مجاهد في تفسير السَّيَّارة <قال: هُم أجْنَاب النّاس> يَعْني الغُرَباء، جَمْع جُنُب وهُو الغَرِيب‏.‏

‏{‏جنبذ‏}‏ ‏(‏س ه‏)‏ في صفة الجنة <فيها جَنَابِذُ من لؤلؤ> الجنَابِذُ جَمْع جُنْبُذَة‏:‏ وهي القُبَّة‏.‏

‏{‏جنح‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ فيه <أنه أمر بالتَّجَنُّح في الصلاة> هو أن يرفع ساعِدَيه في السُّجُود عن الأرض ولا يَفْتَرِشهُما، ويُجافيهما عن جَانِبَيه، ويَعْتَمد على كَفَّيْه فيَصِيرَان لَه مِثْل جَنَاحَي الطائر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إنَّ الملائكة لتَضَع أجْنِحَتها لطالب العِلْم> أي تَضَعُها لِتَكُون وِطَاءً له إذا مَشَى‏.‏ وقيل‏:‏ هو بمَعْنَى التَّواضُعِ له تَعْظِيما لحقِّه‏.‏ وقيل‏:‏ أراد بوَضْع الأجْنِحَة نُزُولَهُم عند مَجالِس العِلم وتركَ الطَّيَران‏.‏ وقيل أرادَ به إظْلاَلَهُم بها‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث الآخر <تُظِلُّهُم الطيرُ بأجْنِحَتِهَا> وجَنَاح الطَّيْر‏:‏ يَدُه‏.‏

وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها <كان وَقِيذَ الجوَانِح> الجوَانِح‏:‏ الأضْلاع مِمَّا يَلي الصَّدْر، الواحدة جَانِحَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إذا اسْتَجْنَح الليل فأكْفِتُوا صِبْيانَكم> جُنْح الليل وجِنْحُه‏:‏ أوّلُه‏.‏ وقيل قِطْعَة منه نَحْو النِّصْف، والأوّل أشبَه، وهو المُراد في الحديث‏.‏

وفي حديث مَرَض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم <فَوجَدَ مِن نَفْسه خِفّةً فاجْتَنَح على أسَامَة حتّى دخل المسجد> أي خرج مَائِلاً مُتَّكِئاً عليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما في مَال اليَتِيم <إنّي لأجْنَحُ أنْ آكُلَ مِنْه> أيْ أرَى الأكْلَ منه جُنَاحاً‏.‏ والجُنَاح‏:‏ الإثْم‏.‏ وقد تكرر ذكر الجُنَاح في الحديث، وأيْنَ ورَدَ فمعناه الإثْم والمَيْلُ‏.‏

‏{‏جند‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <الأرْوَاح جُنود مُجَنَّدة، فما تعارف مِنها ائتَلَف، وما تناكر منها اخْتَلف> مُجَنَّدَة‏:‏ أي مَجْمُوعَة، كما يُقال ألُوف مُؤلَّفَة، وقنَاطِيرُ مُقَنْطَرَة، ومعْناه الإِخْبار عن مَبْدَأ كَوْن الأرْوَاح وتَقَدُّمِها الأجْساد‏:‏ أي أنَّها خُلِقَت أوّل خَلْقِها على قِسْمَين‏:‏ من ائتِلاف واخْتِلاف، كالجُنود المَجْمُوعة إذا تقَابَلَتْ وتَواجَهَت‏.‏ ومعْنَى تقَابُل الأرواح‏:‏ ما جَعَلَها اللّه عليه من السَّعادَة، والشَّقَاوَة، والأخلاق في مَبْدإ الخلق‏.‏ يقول‏:‏ إنّ الأجساد الَّتي فيها الأرواحُ تَلْتَقِي في الدُّنْيا فتَأتَلِفُ وتَخْتَلِفُ على حَسَب ما خُلِقَتْ عليه، ولهذا ترَى الخَيّرَ يُحبُّ الأخيارَ ويَميل إليهم، والشِّرِّيرَ يُحِبُّ الأشرارَ ويَمِيل إلَيْهم‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه خرج إلى الشَّام فَلَقِيَه أمَراء الأجْنادِ> الشَّامُ خَمْسةُ أجْنَادٍ‏:‏ فِلَسْطين، والأُرْدُنُّ، ودِمشْق، وحِمْصُ، وقِنَّسْرِينُ، كلُّ واحد منها كان يُسَمَّى جُنْداً‏:‏ أي المُقِيمِين بها من المسْلِمين المُقَاتِلين‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سالم <سَتَرْنَا البَيْتَ بِجُنَادِيٍّ أخْضَر، فدخَل أبُو أيُّوبَ فلمَّا رآه خرج إنْكاراً له> قيل هو جِنْسٌ من الأنْماطِ أو الثِّياب يُسْتَرُ بها الجُدْرَانُ‏.‏

وفيه <كان ذلك يَوْمَ أجْنَادَيْن> بفتح الدَّال‏:‏ مَوْضِع بالشأم، وكانت به وَقْعَة عظِيمة بَيْن المسْلِمين والرُّوم في خِلافة عُمَر رضي اللّه تعالى عنه، وهو يوم مشهور‏.‏

وفيه ذكر <الجَنَد> هُو بفتح الجيم والنُّون‏:‏ أحَدُ مخَالِيف اليمن‏:‏ وقيل هي مدينة معروفة بها‏.‏

‏{‏جندب‏}‏ * فيه <فجعَلَ الجنَادِبُ يَقَعْنَ فيه> الجنَادِبُ جَمْع جُنْدَب - بِضَمّ الدال وفَتْحِها - وهو ضَرْب من الجرَادِ‏.‏ وقيل هُو الذي يَصِرُّ في الحرّ‏.‏

ومنه حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <كان يُصَلّي الظُّهْر والجنَادِبُ تَنْقُزُ من الرَّمْضاء> أي تَثِبُ‏.‏

‏{‏جندع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إني أخاف عليكم الجَنَادِع> أي الآفاتِ والبَلاَيا‏.‏ ومنه قِيل للدّاهِية‏:‏ ذَاتُ الجَنَادِع، والنون زائدة‏.‏

‏{‏جنز‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أن رجُلا كان له امْرأتان فَرُمِيَتْ إحداهُما في جَنَازَتها> أي ماتَتْ‏:‏ تقول العَرب إذا أخْبَرتْ عَن مَوتِ إنسان‏:‏ رُمِي في جنَازَتِه؛ لأن الجنَازة تَصِيرُ مَرْمِيًّا فيها‏.‏ والمراد بالرَّمْي‏.‏ الحَمْلُ والوَضْع‏.‏ والجَنازة بالكسر والفَتْح‏:‏ الميّت بسَريره‏.‏ وقيل بالكَسْر السَّرِير، وبالفتح الميّت‏.‏ وقد تكرر ذكْرها في الحديث‏.‏

‏{‏جنف‏}‏ ‏(‏ه س‏)‏ فيه <إنا نَرُدُّ مِن جَنَفِ الظالِم مِثلَ مَا نَرُدُّ مِن جَنَفِ المُوصِي> الجَنف‏:‏ المَيْل والجَوْر‏.‏

ومنه حديث عُروة <يُرَدّ مِن صَدَقة الجانِف في مَرَضِه ما يُرَدّ من وصِيَّة المُجْنِف عِندَ مَوْته> يقال‏:‏ جَنَف وأجْنَف‏:‏ إذا مَال وجَار، فجمَع فيه بَيْن اللُّغَتَين‏.‏ وقيل الجانِفُ‏:‏ يَخْتصُّ بالوَصِيَّة، والمُجْنِف المَائِل عن الحقِّ‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <وقد أفْطَر الناسُ في رمضان ثم ظَهَرت الشمسُ فقال: نَقْضِيه، ما تَجانَفْنا فيه لإثْمٍ> أي لم نمِلْ فيه لارْتِكاب الإثْمِ‏.‏ ومنه قوله تعالى <غَيْرَ مُتَجانِفٍ لإثْم>‏.‏

وفي غزوة خيبر ذكْر <جَنْفَاء> هي بفتح الجيم وسُكُون النُّون والمدِّ‏"‏ مَاءٌ مِن مياه بَنِي فَزارَة‏.‏‏{‏جنق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الحجاج <أنه نصب على البَيْتِ مِنْجَنيقَيْن، وَوكَّل بهمَا جَانِقَيْن، فقال أحَدُ الجَانِقَيْنِ عنْد رَمْيِه:

خَطَّارَةٌ كَالجَمَل الفَنِيقِ ** أعْدَدْتُهَا لِلْمَسْجِد الْعَتِيقِ

الجَانِقُ: الذي يُدَبِّر المَنْجَنِيق ويَرْمِي عَنْها، وتُفْتَح الميم وتُكْسر، وهي والنون الأولى زائدتان في قَولٍ، لِقَوْلِهم جَنَقَ يَجْنِق إذا رمَى. وقيل الميم أصلية لِجَمْعِه على مجَانِيق. وقيل هو أعجمي مُعَرّب، والمَنْجَنيق مُؤنَّثَة.

{جنن} * فيه ذكر <الجنَّة> في غير مَوْضع‏.‏ الجَنَّة‏:‏ هي دَارُ النَّعِيم في الدار الآخرة، من الاجْتِنَانِ وهو السّتْر، لِتَكَاثُفِ أشجارها وتَظْلِيلِها بالْتِفَافِ أغْصَانِهَا، وسُمّيَتْ بالجَنَّة وهي المَرّة الواحِدة من مَصْدَر جَنَّهُ جَنًّا إذا سَتَره،فكأنَّها سَتْرةٌ واحِدة؛ لِشدّة الْتِفَافها وإظْلاَلِهَا‏.‏

ومنه الحديث <جَنَّ عليه الليل> أي سَتَره، وبه سُمَي الجِنّ لاسْتِتارهم واخْتِفَائِهم عن الأبصار، ومنه سُمَي الجَنِينُ لاسْتِتَارِه في بَطْن أمِّه‏.‏‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <وَلِيَ دَفْنَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإجْنانَه عليٌّ والعبَّاسُ> أي دَفْنَه وستْره‏.‏ ويُقال للقَبْر الجَنَنُ، ويُجْمَع على أجْنَان‏.‏

ومنه حديث علي <جُعِل لهم مِنَ الصَّفيح أجْنَانٌ>‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه نَهى عن قَتْل الجِنَّان> هي الحيَّاتُ الَّتي تَكُون في البُيُوت؛ واحِدُها جَانّ، وهو الدَّقِيق الخَفِيف‏.‏ والجَانّ‏:‏ الشَّيْطان أيضا‏.‏ وقد جاء ذكر الجَانّ والجِنّ والجِنَّان في غير موضع من الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث زمزم <إنّ فيها جِنَّانًا كثيرة> أي حيَّاتٍ‏.‏

وفي حديث زيد بن نُفَيْل <جِنَّانُ الجِبَال> أي الذين يأمُرُون بالفسَاد من شيَاطِين الإنْسِ، أوْ من الجِنّ‏.‏ والجِنَّة بالكسر‏:‏ اسْم للجِنّ‏.‏

وفي حديث السرقة <القَطْع في ثمن المِجَنّ> هُو التُّرْس، لأنه يُوَارِي حَامِلَه‏:‏ أي يَسْتُره، والميم زائدة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <كتَب إليَّ ابْنُ عباس رضي اللّه عنهما: قَلَبْتَ لابْن عَمِّك ظَهْر المِجَنِّ>هذه كَلِمَة تُضْرب مَثَلا لِمَنْ كان لِصَاحِبه على مَوَدّة أو رِعَاية ثُم حَالَ عن ذلك، ويُجْمَع على مَجَانَّ‏.‏

ومنه حديث أشراط الساعة <وجُوهُهُم كالمَجانِّ المُطْرَقة> يَعْنِي التُّرْك‏.‏ وقد تكَرَّر ذكر المِجَنِّ والمَجَانِّ في الحديث‏.‏

وفيه <الصَّوْم جُنَّة> أي يَقِي صاحِبَه ما يُؤذِيه من الشَّهَوات‏.‏ والجُنَّة‏:‏ الوِقَايَة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <الإمَام جُنَّة> لأنه يَقي المأمُومَ الزَّلَلَ والسَّهْو‏.‏

ومنه حديث الصدقة <كمَثَل رَجُلَيْن عَلَيْهما جُنَّتَان مِن حَدِيد> أي وِقَايَتان‏.‏ ويُرْوى بِالْبَاء الموحَّدة؛ تَثْنِيَة اللّبَاس‏.‏

وفيه أيضا <تُجِنُّ بَنَانَه> أي تُغَطِّيه وتَسْتُره‏.‏

وفيه <أنه نَهى عن ذَبائح الجنّ> هو أن يَبْنِيَ الرجُل الدَّار فإذا فرغ من بِنائِها ذبح ذَبِيحَة، وكان يقولون‏:‏ إذا فُعِل ذلك لا يَضُرُّ أهْلَهَا الجنُّ‏.‏

وفي حديث ماعِز <أنه سأل أهْلَه عنه فقال: أيَشْتَكِي أمْ به جِنَّة؟ قالوا: لا> الجِنَّة بالكَسْر‏:‏ الْجُنُون‏.‏

وفي حديث الحسن <لو أصاب ابنُ آدمَ في كُلِّ شيء جُنَّ> أي أعْجِبَ بنفْسِه حَتّى يَصِير كالمجْنُون من شِدّة إعْجابِه‏.‏ قال القُتَيْبي‏:‏ وأحْسَبُ قول الشَّنْفَرَى من هذا‏:‏

*فَلَوْ جُنَّ إنْسَان من الحُسْن جُنَّتِ*

ومنه حديثه الآخر <اللّهم أعُوذ بك من جُنُون العَمل> أي من الإعْجاب به، ويُؤكِّد هذا حَدِيثه الآخر <أنَّه رَأى قوماً مُجْتمعين على إنْسَان، فقال: ما هذا؟ فقالوا: مَجْنُون، قال هذا مُصَاب، وإنما المَجْنُون الذي يَضْرِب بِمَنْكِبَيْه، ويَنْظُرُ في عِطْفَيْه، ويَتَمطَّى في مِشْيَتِه.وفي حديث فَضَالة <كان يَخِرُّ رِجّال من قَامَتِهم في الصلاة من الخَصَاصَة، حتى يقولَ الأعرابُ: مجَانِينُ، أوْ مجَانُون> المَجانِين‏:‏ جمع تَكْسِير لِمجْنُون، وأما مجَانُون فَشاذ، كما شَذّ شَياطُون في شَياطِين‏.‏ وقد قُرِئ <واتَّبَعُوا ما تتلوا الشّياطُون>‏.‏‏{‏جنه‏}‏ في شعر الفَرَزْدق يَمْدَح عليَّ بنَ الحُسَين زين العابدين‏:‏

في كَفِّه جُنَهِيٌّ عَبِقٌ ** مِنْ كَفِّ أرْوَعَ في عِرْنِينِه شَمَمُ

الجُنَهِيُّ‏:‏ الْخَيْزُرَانُ‏.‏ ويُروَى خَيْزُرَان‏.‏

‏{‏جنى‏}‏ * فيه <لا يَجْنِي جَانٍ إلا على نَفسِه> الْجِنَايَة‏:‏ الذِّنْب والجُرْم وما يَفْعَلُه الإنسان ممَّا يُوجِب عليه العذابَ أو القِصَاص في الدنيا والآخرة‏.‏ المعْنَى‏:‏ أنه لا يُطَالَبُ بِجِنَايَة غيره من أقارِبه وأباعده، فإذا جَنَى أحدُهما جِنَايَة لا يُعَاقَبُ بها الآخَرُ، كقوله تعالى <ولا تَزِر وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى> وقد تكرر ذكرها في الحديث‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث علي رضي اللّه عنه‏:‏

هَذَا جَنَايَ وخِيَارُه فِيه ** إذْ كُلُّ جَانٍ يَدُه إلَى فِيه

هذا مَثَل، أوّلُ من قاله عمرو ابن أخْتِ جَذِيمَة الأبْرش، كانَ يَجْنِي الكَمْأة مع أصحابٍ له، فكانُوا إذا وَجَدُوا خِيارَ الكَمْأة أكَلُوها، وإذا وجدها عَمْرٌو جعلها في كمِّه حتَّى يأتي بها خالَه‏.‏ وقال هذه الكلمة فسارت مثلا‏.‏ وأراد علي رضي اللّه عنه بقَوْلها أنّه لم يَتَلَطَّخ بشيء من فَيْء المسلمين، بل وَضَعه مَواضِعَه‏.‏ يقال جَنَى واجْتَنى، والجَنَا‏:‏ اسْم ما يُجْتَنَى من الثَّمَر، ويُجْمَع الجنَا على أجْنٍ، مثل عَصًا وأعْصٍ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أهْدِيَ له أجْنٍ زُغْبٌ> يُريد القِثَّاء الغَضّ، هكذا جاء في بعض الروايات، والمشهورُ أجْرٍ بالراء‏.‏ وقد سبق ذكره‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي بكر <أنه رأى أبا ذرّ رضي اللّه عنهما، فَدَعاه، فجنَا عليه، فسَارَّه> جَنَا على الشَّيء يَجْنُو‏:‏ إذا أكَبَّ عليه‏.‏ وقيل هُو مَهْمُوز‏.‏ وقيل الأصل فيه الهَمْز، من جَنَأ يَجْنَأ إذا مال عليه وعطف، ثم خُفّف، وهو لُغَةٌ في أجْنَأ‏.‏ وقد تقدَّمتْ في أوّل الباب‏.‏ ولو رُويتْ بالحاء المهملة بمعْنَى أكَبَّ عليه لكان أشْبَه‏.‏

 باب الجيم مع الواو

‏{‏جوب‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <المُجِيب> وهو الذي يُقابِل الدُّعاء والسؤالَ بالقَبُول والعَطاء‏.‏ وهو اسْمُ فاعلٍ من أجاب يُجيب‏.‏

وفي حديث الاستسقاء <حَتَّى صَارَت المَدِينةُ مِثْلَ الجَوْبَة> هي الحُفْرة المسْتَديرة الواسعة‏.‏ وكُلُّ مُنْفَتِق بلا بناء‏:‏ جَوْبَة، أي حَتَّى صار الغَيْم والسحاب مُحيطاً بآفاق المدينة‏.‏

ومنه الحديث الآخر <فانْجَابَ السَّحابُ عن المدينة حتى صار كالإكْلِيل> أي انْجَمَع وتَقَبَّض بَعْضُه إلى بعض وانْكَشَف عنها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أتَاه قوم مُجْتَابي النِّمَار> أي لابِسيها‏.‏ يقال اجْتَبْتُ القَمِيص والظَّلاَم‏:‏ أي دَخَلْت فيهما‏.‏ وكل شيء قُطِع وسَطه فهو مَجُوب ومُجَوّب، وبه سُمِّي جَيْبُ القَمِيص‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <أخذتُ إهّاباً مَعْطُوناً فجَوّبْتُ وَسَطه وأدْخَلته في عُنُقِي>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث خيْفَان <وأمَّا هذا الحَيُّ من أنْمَار فجَوْبُ أَب، وأوْلاَدُ عَلة> أي أنَّهُم جِيبُوا من أب وَاحِد وقُطِعُوا منه‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث أبي بكر <قال للأَنصار رضي اللّه عنه وعنهم يوم السَّقِيفة: إنما جِيبَتِ العَرب عَنَّا كَما جيبَت الرَّحَا عَن قُطْبها> أي خُرِقَتْ العَرب عَنَّا، فَكُنَّا وَسَطاً، وكانت العَرب حَوالَيْنا كالرَّحَا وقُطْبها الَّذي تَدُورُ عليه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث لقمان بن عاد <جَوَّابُ لَيْلٍ سَرْمَد> أي يَسْري لَيْلَه كُله لا ينَام‏.‏ يَصِفه بالشَّجاعة، يقال‏.‏ جابَ البلادَ سَيْراً‏.‏ أي قطَعَها‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنَّ رَجُلا قال: يا رسول اللّه أيُّ اللَّيْل أجْوَبُ دَعْوَةً؟ قالَ: جَوْفُ اللَّيْل الغَابر> أجْوَبُ، أي أسْرَع إجَابَة‏.‏ كما يقال‏:‏ أطْوَعُ، من الطَّاعَة‏.‏ وقياسُ هَذا أن يكون من جَابَ لا من أجَابَ؛ لأنَّ ما زاد على الفِعْل الثُّلاَثِي لا يُبْنَى منه أفْعَل من كذا إلا في أحْرف جاءت شَاذَّة قال الزمخشري‏:‏ <كأنه في التَّقْدير من جَابَت الدَّعْوة بوَزْن فَعُلَتْ بالضَّم، كَطالَت: أي صارت مُسْتَجابة، كقولهم في فَقِير وشَدِيد، كأنَّهُما من فَقُر وشَدُد، وليْس ذلك بمُسْتَعْمَل. ويَجُوز أن يكون من جُبْتُ الأرض إذا قَطَعْتَها بالسَّير، على مَعْنى أمْضَى دعوة، وأنْفَذَ إلى مظّانّ الإجابة والقَبول>‏.‏

وفي حديث بِنَاء الكعْبة <فسَمِعْنا جَواباً من السماء، فإذا بطائر أعْظَمَ من النَّسْر> الجَواب‏:‏ صَوْتُ الجَوْب، وهو انْقِضَاض الطائر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث غَزْوة أُحُد <وأبو طلحة مُجَوّبٌ على النبي صلى اللّه عليه وسلم بِجَحَفَةِ> أي مُتَرّس عَلَيه يَقِيه بِهَا‏.‏ ويُقال للتُّرس أيضا جَوْبَة‏.‏

‏{‏جوث‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث التَّلِب <أصَاب النَّبيَّ صلى اللّه عليه وسلم جُوثَة> هكذا جاء في روايته‏.‏ قالوا‏:‏ والصواب خَوْبَة وهي الْفَاقة، وسَتُذكر في بابها‏.‏

وفيه <أوّل جُمُعَة جُمّعت بَعْدَ المدينة بجُوَاثَا> هُو اسم حِصْنِ بالبَحْرَيْن‏.‏

‏{‏جوح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <إنَّ أبي يُريد أن يَجْتَاح مَالِي> أي يَسْتَأصِلُه ويأتي عليه أخْذاً وإنْفَاقاً‏.‏ قال الخطابي‏:‏ يُشْبِه أن يكُون ما ذكَره من اجْتِيَاح وَالِده مَالَه أن مقْدّار ما يَحْتاجُ إليه في النَّفَقة شيء كثير لا يَسَعُه مَالُه إلاَّ أنْ يَجْتَاح أصْلَه، فلم يُرَخّص له في تَرْك النَّفَقة عليه‏.‏ وقال له‏:‏ أنْت ومَالُك لأبيك‏.‏ علَى مَعْنى أنه إذا احْتَاج إلى مَالك أخَذَ مِنْك قَدْرَ الحاجَة، وإذا لم يكُن لك مَالٌ وكان لك كَسْب لَزمَك أن تَكْتَسب وتُنْفقَ عليه، فأمَّا أن يكون أرادَ به إباحَة مَاله له حَتَّى يَجْتَاحَه ويأتي عَليه إسْرَافاً وتَبْذيراً فَلا أعْلَم أحَداً ذهب إليه‏.‏ واللّه أعلم‏.‏ والاجْتِياح من الْجَائِحَة‏:‏ وهي الآفَةُ التي تُهْلِك الثّمار والأمْوال وتَسْتَأصِلُها، وكلُّ مُصِيبَة عظيمة وفِتْنَةٍ مُبِيرَة‏:‏ جائحة، والجَمْع جوائح‏.‏ وجَاحَهُم يَجُوحُهُم جَوْحاً‏:‏ إذا غَشِيَهُم بالجوائح وأهلكهم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أعاذكم اللّه من جَوْح الدهر>‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <أنه نهى عن بَيْع السِّنين وَوَضَع الجوائح> وفي رواية <وأمَرَ بوَضْع الجوائح> هذا أمْر نَدْب واسْتِحْباب عند عامّة الفقهاء، ولا أمرُ وجُوب‏.‏ وقال أحمد وجماعة من أصحاب الحديث‏:‏ هو لازِمٌ، يُوضَع بقَدْر ما هَلَك‏.‏ وقال مالك‏:‏ يُوضع في الثلث فصاعدا‏:‏ أي إذا كانت الجائحة دون الثُّلث فهو من مال المشْترِي، وإن كانت أكثر فمن مال البائع‏.‏

‏{‏جود‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <باعَده اللّه من النار سبعين خريفاً للمُضَمِّر المُجِيد> المُجِيد‏:‏ صاحب الجَوادِ، وهو الفَرس السَّابق الجيِّد، كما يقال‏:‏ رجل مُقْوٍ ومُضْعِف إذا كانت دابّتُه قَويّةً أو ضَعِيفة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث الصراط <ومنهم من يَمُرّ كأجاويد الخيْل> هي جَمْع أجْوَادٍ، وأجْوَادٌ جمع جَواد‏.‏‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي الدرداء رضي اللّه عنه <التسْبيح أفْضَل من الحَمْل على عشرين جوَاداً>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث سليمان بن صُرَد <فسِرْت إليه جَواداً> أي سريعا كالفَرس الجَواد‏.‏ ويَجُوز أن يُريد سَيْرا جَواداً، كما يقال سِرْنا عُقْبةً جَواداً‏:‏ أي بعيدة‏.‏

وفي حديث الاستسقاء <ولم يأت أحَدٌ من ناحية إلا حَدّث بالجَوْد> الجَوْد‏:‏ المطر الواسِع الغَزِير‏.‏ جادَهُم المطر يَجُودهم جَوْدا‏.‏

‏(‏س ه‏)‏ ومنه الحديث <تركْتُ أهلَ مكة وقد جِيدُوا> أي مُطِرُوا مَطَراً جَوْداً‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <فإذا ابنهُ إبراهيم عليه الصلاة والسلام يَجُود بنفسه> أي يُخْرِجُها ويَدْفَعُها كما يَدْفَع الإنسان ماله يَجُودُ به‏.‏ والجُودُ‏:‏ الكرم‏.‏ يُرِيد أنه كان في النَّزْع وسِيَاق الموْت‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <تَجَوَّدْتُهَا لَكَ> أي تَخَيَّرتُ الأجْوَد منها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن سَلاَم <وإذا أنا بجوَادَّ> الجوَادُّ جَمْع جَادّة‏:‏ وهي مُعْظم الطريق‏.‏ وأصل هذه الكلمة من جدَدَ، وإنما ذكرناها ها هنا حملا على ظاهرها‏.‏

‏{‏جور‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أم زَرْع <مِلْء كِسَائها وغَيْظ جَارَتِها> الجَارَة‏:‏ الضَّرَة، من المُجاوَرَة بَيْنَهُما‏:‏ أي ترى حُسْنها فَيَغِيظُها ذلك‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <كنتُ بين جَارتَيْن لي> أي امْرَأتين ضَرَّتَين‏.‏

وحديث عمر رضي اللّه عنه <قال لحَفْصَة: لا يَغُرُّك أن كانت جارتُك هي أوْسَمَ وأحَبَّ إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منْكِ> يعني عائشةَ رضي اللّه عنها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <ويُجِير عليهم أدْناهُم> أي إذا أجارَ واحِدٌ من المسلمين - حُرٌّ أو عبْدٌ أو أمَة - واحداً أو جماعةً من الكفَّار وخَفَرهُم وأمّنَهُم جاز ذلك على جميع المسلمين، لا يُنْقَضُ عليه جِوارُه وأمانُه‏.‏

ومنه حديث الدعاء <كما تُجِير بين البُحور> أي تَفْصِل بينهما وتمنع أحَدَها من الاخْتلاَط بالآخر والبَغْي عليه‏.‏وحديث القَسامة <وأحِبُّ أن تُجِيرَ ابْني هذا برَجُل من الخَمْسين> أي تؤمّنَه منها، ولا تَسْتَحْلِفه وتحول بينه وبينها‏.‏ وبعضُهم يرويه بالزّاي‏:‏ أي تأذن له في ترك اليمين وتُجِيزه‏.‏وفي حديث ميقات الحج <وهو جَوْرٌ عن طريقنا> أي مائل عنه ليس على جادّتِه، من جارَ يجور إذا مال وضَلّ‏.‏

ومنه الحديث <حتى يسير الرّاكب بين النُّطْفتين لا يَخْشى إلاّ جَوْراً> أي ضَلاَلاً عن الطريق‏.‏ هكذا روى الأزهري وشرح‏.‏ وفي رواية <لا يَخْشى جَوْرا> بحذف إِلاَّ، فإن صح فيكون الجَوْر بمعْنى الظُّلم‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أنه كان يجاور بحِرَاءَ ويُجاور في العَشْر الأواخر مِن رَمضان> أي يَعْتَكِف وقد تكرر ذكرها في الحديث بمعنى الاعْتكاف، وهي مُفاعَلة من الجِوَار‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عطاء <وسُئل عن المُجاوِر يَذْهَب للخَلاَء> يَعْنِي المُعْتَكِفَ فأمَّا المُجَاوَرَة بمكة والمدينة فيُرادُ بها المُقام مُطْلقا غَير مُلْتَزم بشرائط الاعتكاف الشرعي‏.‏وفيه ذكر <الجَارِ> هو بتخفيف الراء‏:‏ مدينة على ساحِل البَحْر، بَيْنها وبين مدينة الرَّسُول عليه الصلاة والسلام يوم وليلة‏.‏

‏{‏جوز‏}‏ * فيه <أنَّ امرأة أتت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت: إني رأيت في المنام كأنَّ جائزَ بيتي قد انْكَسر، فقال: يَرُدّ اللّه غائيكِ، فَرجَع زَوجُها ثمَّ غاب، فرَأتْ مثلَ ذلك، فأتت النبي صلى اللّه عليه وسلم فلم تَجْده، ووجَدتْ أبا بكر فأخبَرْته فقال: يَمُوت زوجُكِ، فذَكَرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: هل قَصَصْتِها على أحد؟ قالت نعم. قال: هُو كما قال لك> الجَائزُ هُو الخشبة التي تُوضَع عليها أطراف العوارض في سَقْف البيت، والجمع أجْوزة ‏(‏وجُوزانٌ وجَوائزُ أيضاً كما في القاموس‏)‏‏.‏

ومنه حديث أبي الطُّفَيل وبنَاء الكَعْبة <إذا هُم بِحَيَّة مِثلِ قطْعة الجائز>‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفيه <الضِّيافة ثلاثة أيام، وجائِزتُه يوم وليلة، وما زاد فهو صَدَقة> أي يُضَافُ ثلاثة أيام فيُتَكلَّف له في اليوم الأول مما اتَّسعَ له من برّ وإلْطاف، ويُقَدّم له في اليوم الثاني والثالث ما حضره ولا يَزِيد عَلَى عادته، ثم يعطيه ما يجوز به مَسافة يومٍ وليْلَةٍ، ويُسَمَّى الجِيزَة‏:‏ وهي قَدْرُ ما يجوز به المسافر من مَنْهل إلى مَنْهل، فما كان بعد ذلك فهو صَدَقةٌ ومعروف، إن شاء فَعَل وإن شاء ترَك، وإنما كره له المُقام بعد ذلك لئلا تَضيق به إقامَته فتكون الصَّدقة على وجْه المَنّ والأذَى‏.‏

ومنه الحديث <أجيزوا الوَفد بنَحْو ما كُنْت أجِيزُهم> أي أعطوهم الجيزة والجائزة‏:‏ العَطية‏.‏ يقال أجازه يجيزه إذا أعطاه‏.‏

ومنه حديث العباس <ألا أمْنَحُك ألا أُجيزُك> أي أعْطِيك‏.‏ والأصل الأوّل فاسْتُعِير لكُلّ عَطاء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <إن اللّه تجَاوز عن أمّتي ما حَدّثَتْ به أنْفُسَها> أي عَفَا عنهم‏.‏ من جازه يَجُوزه إذا تَعدّاه وعَبَر عليه‏.‏ وأنْفُسَها بالنصب على المفعول‏.‏ ويجُوز الرفع على الفاعل‏.‏ومنه الحديث <كنْت أبايع الناس، وكان من خُلُقي الجَوازُ> أي التَّسَاهُل والتسامح في البَيْع والاقْتِضاء‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏ومنه الحديث <أسْمع بُكَاء الصَّبي فأتَجوّز في صلاتي> أي أخَفّفُها وأقلِّلها‏.‏

ومنه الحديث <تَجَوّزوا في الصلاة> أي خَفّفُوها وأسرِعوا بها‏.‏ وقيل إنَّه من الجَوْز‏:‏ القَطْع والسَّيْر‏.‏

وفي حديث الصراط <فأكُون أنا وأمّتي أوّلَ من يُجِيز عليه> يُجيز‏:‏ لُغة في يَجُوز‏.‏ يقال جَاز وأجاز بمَعْنًى‏.‏

ومنه حديث المسْعَى <لا تُجِيزوا البَطْحَاء إلاَّ شَدًّا>‏.‏

وفي حديث القيامة والحِساب <إني لا أجِيز اليَوْم على نفْسي شاهدا إلا مِنّي> أي لا أُنْفِذُ وأُمْضِي، من أجاز أمْرَه يُجِيزه إذا أمضَاه وجَعَله جائزا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي ذرّ رضي اللّه عنه <قَبْل أن تُجِيزُوا عَلَيَّ> أي تَقْتُلُوني تُنْفِذُوا فِيَّ أمْرَكُم‏.‏

في حديث نكاح البِكر <فإن صمَتَت فهو إذْنُها، وإن أبَتْ فلا جَوازَ عليها> أي لا وِلاَية عليها مع الإمْتناع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث شُريح <إذا باع المُجِيزَانِ فالبيعُ للْأوّل، وإذا أنْكح المُجِيزَانِ فالنّكاح للأوّل> المجِيزُ‏:‏ الوَليُّ والقَيِّم بأمْر اليَتيم‏.‏ والمجيز‏:‏ العَبْد المَأذُون له في التّجارة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديثه الآخر <إنَّ رجُلا خاصَم غلاما لزيَادة في برْذَون باعه وكفَل له الغلام، فقال: إنْ كان مُجِيزاً وكفل لك غَرِم>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث علي رضي اللّه عنه <أنه قام من جَوْز اللَّيل يصلِّي> جَوْز كُلّ شيء‏:‏ وسَطه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث حذيفة رضي اللّه عنه <ربَط جَوْزَه إلى سَماء البَيْت، أو جائز البَيْت> وجمْع الجَوْز أجْوَاز‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي المنْهال <إنَّ في النار أوْديةً فيها حَيَّاتٌ أمْثَالُ أجْوَازِ الإبل> أي أوْسَاطها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه ذِكْر <ذِي المجَاز> هُو مَوْضِع عِنْد عرَفَات كان يُقامُ به سُوقٌ من أسْواق العرب في الجاهلية‏.‏ والمجَاز‏:‏ موضع الجَواز، والميم زائدة‏.‏ قيل سُمّي به لأن إجازة الحَاجّ كانت فيه‏.‏

‏{‏جوس‏}‏ * في حديث قُسّ بن سَاعِدة <جَوْسَةُ النَّاظِر الذي لا يَحَار> أي شِدّة نَظره وتَتَابُعه فيه‏.‏ ويُروَى حَثَّة النَّاظر، من الْحَثّ‏.‏

‏{‏جوظ‏}‏ * فيه <أهْل النَّار: كلُّ جَوّاظٍ> الجَوّاظ‏:‏ الجَمُوع المَنُوع‏.‏ وقيل الكَثيرُ اللَّحم المُخْتال في مِشْيَته‏.‏ وقيل القَصِير البَطِين‏.‏

‏{‏جوع‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الرَّضَاع <إنما الرَّضَاعَة من المجَاعة> المجَاعَة مفْعلة، من الجُوع‏:‏ أي إن الذي يَحْرُم مِن الرَّضاع إنما هو الذي يَرْضَعُ من جُوعِه، وهُو الطّفْل، يَعْني أنَّ الكَبير إذا رَضَع امرأة لا يَحْرُم عليها بذلك الرّضَاع؛ لأنه لم يَرْضَعْها من الجُوع‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث صِلة بن أشْيم <وأنا سريع الاسْتجَاعة> هي شدة الجُوع وقُوّتُه‏.‏

‏{‏جوف‏}‏ * في خَلْق آدم صلى اللّه عليه وسلم <فلما رآه أجْوَف عرَف أنه خَلْقٌ لا يَتَمالَك> الأجْوَف‏:‏ الذي له جَوْف‏.‏ ولا يَتَمالَك أي لا يتمَاسَك‏.‏

ومنه حديث عمران <كان عمرُ أجْوفَ جليداً> أي كبير الجَوف عَظيمها‏.‏

ومنه الحديث <لا تَنْسَوا الجَوْف وَما وعَى> أي ما يَدْخُل إليه من الطَّعام والشَّراب ويُجْمَع فيه‏.‏ وقيل أراد بالجوْف القَلْبَ، ومَا وَعَى‏:‏ ما حَفظ من مَعْرفة اللّه تعالى‏.‏ وقيل‏:‏ أراد بالجوف البَطْن وَالفَرجَ معاً‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <إِنَّ أخوف ما أخاف عليكم الأجْوَفان>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <قِيل له: أيُّ اللَّيل أسْمَعُ؟ قال: جَوْف الليل الآخِرُ> أي ثُلثُه الآخِرُ، وهو الجُزء الخامِس من أسداس الليل‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث خُبَيْب <فَجافَتْنِي> أي وَصَلَتْ إلَى جَوْفِي‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مسروق في البَعِير المُتَرَدِّي في البِئرِ <جُوفُوه> أي اطْعُنُوا في جَوْفِه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <في الْجَائِفَة ثلث الدّيَة> هي الطَّعْنة التي تَنْفُذ إلى الجَوْف‏.‏ يقال جُفْتُه إذا أصَبْتَ جَوْفه، وأجَفْتُه الطَّعْنَةَ وجُفْتُه بها؛ والمراد بالجَوف ها هنا كا ماله قُوَّة مُحِيلَةٌ كالبَطْن والدّماغ‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث حُذيفة <مَا مِنَّا أحدٌ لو فُتِّشَ إلا فُتِّشَ عن جَائِفَة أو مُنَقِّلَة> المُنَقِّلة من الجِرَاح‏:‏ ما يَنْقُل العَظْم عن موْضَعه، أراد‏:‏ ليْسَ مِنَّا أحدٌ إلاَّ وفيه عَيْبٌ عَظِيم، فاسْتعار الجائِفَة والمُنَقِّلَة لذلك‏.‏

وفي حديث الحج <أنه دخل البَيْت وأجَافَ البَابَ> أي رَدَّه عليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أجِيفُوا أبْوَابكم> أي ردّوها‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث مالك بن دينار <أكَلْت رَغيفاً ورَأسَ جُوَافَةٍ فعَلَى الدُّنْيا العَفَاءُ> الجُوَاف بالضَّم والتَّخْفيف‏:‏ ضَرْبٌ من السَّمَك، وليْسَ من جَيّده‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفيه <فَتَوَقَّلَتْ بنَا القِلاَصُ من أعالي الجَوْف> الجَوْف‏:‏ أرضٌ لِمُرَاد‏.‏ وقيل هو بَطْن الوَادي‏.‏

‏{‏جول‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <فاجْتَالَتْهُم الشياطين> أي اسْتَّخَفَّتْهم فجَالُوا مَعهم في الضَّلاَل‏.‏ يقال جَال واجْتَال‏:‏ إذا ذهب وجاء ومنه الجَوَلاَنُ في الحرْب، واجْتالَ الشَّيءَ إذا ذَهَب به وسَاقَه‏.‏ والْجَائِل‏.‏ الزَّائلُ عن مكانه‏.‏ ورُوي بالحاء المهملة‏.‏ وسيذكر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لمَّا جَالَت الخَيْل أهْوَى إلى عُنُقي> يُقال جَال يَجُول جَوْلَة إذا دَار‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <للبَاطل جَوْلة ثم يَضْمَحِلُّ> هُو من جَوَّل في البِلاد إذا طاف‏:‏ يعْني أنَّ أهْلَه لا يَسْتَقِرُّون على أمْر يَعْرِفُونه ويَطْمَئِنُّون إليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وأما حديث الصدِّيق رضي اللّه عنه <إنَّ لِلبَاطِل نَزْوَةً، ولأهْل الحق جَوْلة> فإنه يُريد غَلَبةً، مِنْ جَالَ في الحَرْب على قِرْنه يَجُول‏.‏ ويجوز أن يكون من الأوّل؛ لأنه قال بَعْدَه‏:‏ يَعْفُو لها الأثَرُ وتَمُوت السُّنَنُ‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنه <كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا دَخَل إلينا لَبِسَ مِجْوَلاً> المِجْوَل‏:‏ الصُّدْرَة‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ هُو ثَوْب صَغِير تَجُول فيه الْجَارِية‏.‏ ورَوَى الخطَّابي عنها قالت‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم مِجْول‏.‏ وقال‏:‏ تُرِيد صُدْرَةً من حَديدٍ، يعني الزَّرَدِيَّة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث طَهْفَة <ونَسْتَجيل الجَهَام> أي نَراه جَائِلا يَذْهَبُ به الرّيح ها هنا وها هنا‏.‏ ويُرْوى بالخاء المعْجمة والحاء المهملة، وهو الأشهر‏.‏ وسيُذكر في موضعه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عُمر للأحْنَف <لَيسَ لك جُولٌ> أي عَقْل، مأخُوذ من جُول البِئر بالضَّم‏:‏ وهُو جِدَارُها‏:‏ أي ليْس لك عَقْل يَمْنَعُك كَمَا يمْنَع جدَارُ البئر‏.‏

‏{‏جون‏}‏ * في حديث أنس رضي اللّه عنه <جئت إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وعليه بُرْدَة جَوْنيَّة> منسوبة إلى الجَوْن، وهُو من الألوان، ويقَع على الأسْوَد والأبْيَض‏.‏ وقيل الْيَاء للمبالَغة، كما تقول في الأحْمَر أحْمَرِيٌّ‏.‏ وقيل هي منسوبة إلى بَنِي الجَوْن‏:‏ قبيلة من الأَزد‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <لمَّا قَدِم الشام أقبلَ على جَمل وعَليه جِلْد كَبْش جُونيٌّ> أي أسْوَد‏.‏ قال الخطابي‏:‏ الكَبْش الجُونِيُّ‏:‏ هو الأسْوَد الذي أُشْرِبَ حُمْرة‏.‏ فإذا نَسَبُوا قالوا جُونِيٌّ بالضَّم، كما قالوا في الدَّهْرِي دُهْرِيٌّ‏.‏ وفي هذا نظَرٌ، إلاَّ أن تكون الرواية كذلك‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث الحجاج <وعُرِضَت عليه درْع لا تُرَى لصَفائها، فقال له أُنَيْس: إنَّ الشَّمْس جَوْنَة> أي بَيَضاء قَد غَلَبَت صَفاء الدّرْع‏.‏

وفي صفَته صلى اللّه عليه وسلم <فوجَدْت لِيَدِهِ بَرْداً وَرِيحاً كأنَّما أخْرجها من جُونَةِ عَطَّار> الجُونَة بالضم‏:‏ الَّتي يُعَدّ فيها الطّيبُ ويُحْرَز‏.‏

‏{‏جوا‏}‏ * في حديث علي رضي اللّه عنه <لأَن أطَّلِيَ بِجِواءِ قِدْر أحَبُّ إليَّ منْ أن أطَّلِيَ بزَعْفَران> الجِواءُ‏.‏ وعَاء القِدْرِ، أو شيء تُوضَع عليه من جِلْد أو خَصْفَة، وجَمْعُها أجْوِيَة‏.‏ وقيل‏:‏ هي الجِئَاء مَهْمُوزة، وجمعها أجْئِئَة‏.‏ ويقال لها أيضاً بلاَ هَمْز‏.‏ ويُروَى <بِجِئَاوَة> مِثْل جِعَاوَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث العُرَنيّين <فاجْتَوَوُا المدِينة> أي أصابهم الجوَى‏:‏ وهُو المَرض ودَاء الجَوْف إذا تَطاولَ، وذلك إذا لم يُوَافِقْهم هَواؤها واسْتَوْخَمُوها‏.‏ ويقال‏:‏ اجْتَوَيْتُ البَلَدَ إذا كَرِهْتَ المُقام فيه وإن كُنْت في نعْمَة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عبد الرحمن بن القاسم <قال: كان القاسم لا يَدْخُل مَنْزله إلاَّ تَأَوَّه، قُلْتُ: يَا أبَت ما أخْرَج هذا منْك إلاَّ جَوًى> يُريد دَاء الجَوْف‏.‏ ويجوز أن يكون من الجَوى‏:‏ شدَّة الوَجْد من عِشْق أو حُزْن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث يأجوج ومأجوج <فَتجْوَى الأرضُ من نَتْنهم> يقال جَوِي يَجْوَى‏:‏ إذا أنْتنَ‏.‏ ويُروى بالهمز‏.‏ وقد تقدم‏.‏

وفي حديث سَلْمان رضي اللّه عنه <إنَّ لكُلِّ امْرئ جَوَّانِيًّا وبَرَّانِيًّا، فَمنْ يُصْلِحْ جَوَّانِيَّه يُصْلِحِ اللّه بَرَّانِيَّهُ، ومَن يُفسدْ جَوَّانِيَّه يُفسدِ اللّه بَرَّانِيَّه> أي باطناً وظاهرا، وسِرًّا وعلاَنِيَة، وهو منْسُوب إلى جَوِّ الْبَيْت وهو دَاخِلُه، وزيادة الألف والنون للتأكيد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <ثم فَتق الأجْواءَ، وشَقَّ الأرْجَاء> الأجْوَاء‏:‏ جَمْع جَوّ، وهُو مَا بَيْن السَّماء والأرض‏.‏

‏{‏جوارش‏}‏ * فيه <أهْدَى رجُل من العراق إلى ابن عمر رضي اللّه عنه جَوَارِشَ> هو نَوْعٌ من الأدْوية المُرَكَّبَة يُقَوّي المَعِدة ويَهْضِم الطعام‏.‏ وليْسَت اللفظة عربية‏.‏

 باب الجيم مع الهاء

‏{‏جهجه‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنَّ رجُلا أسْلَم عدَا عليه ذِئب، فانْتَزَع شاةً من غنَمه فَجهْجَأه الرجُل> أي زبَره‏:‏ أراد جَهْجَهَهُ، فأبدل الهاء هَمْزَةً لكثرة الْهَاآتِ وقُرْب المَخْرَج‏.‏

وفي حديث أشراط الساعة <لا تذهب اللَّيَالي حتى يَمْلك رجل يقال له الجَهْجَاه> كأنه مُرَكَّب من هذا‏.‏ ويُروَى الجَهْجَل‏.‏

‏{‏جهد‏}‏ * فيه <لا هِجْرة بَعْد الفَتْح، ولكن جهادٌ ونِيَّة> الجِهاد‏:‏ مُحارَبة الكُفار، وهو المُبَالَغة واسْتِفْراغ ما في الوُسْع والطَّاقة من قول أو فعْل‏.‏ يقال جَهَد الرجُل في الشَّيء‏:‏ أي جَدَّ فيه وبالَغ، وجَاهَد في الحَرْب مُجاهَدَة وجهاداً‏.‏ والمراد بالنية إخْلاصُ العمَل للّه تعالى‏:‏ أي إنَّه لم يَبْقَ بعد فتْح مكة هِجْرة؛ لأنَّها قد صَارَتْ دار إسْلام‏.‏ وإنما هو الإخْلاص في الجهاد وقِتال الكُفَّار‏.‏

وفي حديث معاذ رضي اللّه عنه <أجْتَهِدُ رَأيي> الاجْتِهادُ‏:‏ بَذْل الوُسْع في طَلَب الأمر، وهو افْتِعَال من الجُهْد‏:‏ الطَّاقة‏.‏ والمرادُ به‏:‏ رَدّ القَضِيَّة الَّتي تَعْرض للحاكم من طَرِيق القِياس إلى الكتاب والسُّنَّة‏.‏ ولم يُرِدِ الرَّأي الذي يَراه من قِبَل نَفْسِه من غَيْر حَمْل على كِتَاب أو سُنَّة‏.‏

وفي حديث معْبَد <شاة خَلَّفَها الجَهْد عن الغَنم> قد تكرر لفظ الجَهْد والجُهْد في الحديث كثيرا، وهو بالضم‏:‏ الوُسْع والطَّاقة، وبالفَتْح‏:‏ المَشَقَّة‏.‏ وقيل المُبَالَغة والْغَايَة‏.‏ وقيل هُمَا لُغتَان في الوُسْع والطَّاقَة، فأمَّا في المشَقَّة والْغَاية فالفتح لا غير‏.‏ ويريد به في حديث أم معْبَد‏:‏ الهُزَال‏.‏

ومن المضموم حديث الصدقة <أيُّ الصَّدَقة أفْضَل؟ قال: جُهْد المُقِلّ> أي قَدْر ما يَحْتَمِله حال القَليل الْمال‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومن المفتوح حديث الدعاء <أعوذ بك من جَهْد البَلاء> أي الْحَالَة الشَّاقَّة‏.‏

وحديث عثمان رضي اللّه عنه <والناس في جَيْش العُسْرة مُجْهِدُون مُعْسِرون> يقال جُهدَ الرجُل فهو مَجْهُود‏:‏ إذا وَجَد مَشَقَّة‏.‏ وجُهِدَ الناس فهُم مَجْهُودُون‏:‏ إذا أجْدَبُوا‏.‏ فأما أجْهَد فهو مُجْهِدٌ بالكَسْر‏:‏ فمعناه ذُو جَهْد ومَشَقَّة، وهو من أجْهَد دابَّته إذا حَمَل عليها في السَّير فوق طاقَتها‏.‏ ورَجُل مُجْهِد‏:‏ إذا كان ذَا دَابَّة ضَعيفة من التَّعَب‏.‏ فاستعاره للحال في قلَّة الْمال‏.‏ وأُجْهِد فهو مُجْهَد بالفتح‏:‏ أي أنه أوُقعَ في الجهَد‏:‏ المشَقَّة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الغُسْل <إذا جَلسَ بَيْن شعَبها الأرْبَع ثم جَهَدهَا> أي دَفَعَها وحَفَزَها‏.‏ يقال جَهَد الرجُل في الأمر‏:‏ إذا جَدَّ فيه وبالغ‏.‏

وفي حديث الأقْرع والأبْرص <فَوَاللّه لا أجْهَدُك اليومَ بِشَيء أخَذْتَه للّه> أي لا أشقُّ عليك وأرُدُّك في شيء تَأخُذه من مالي للّه تعالى‏.‏ وقيل‏:‏ الجَهْد من أسماء النكاح‏.‏

‏[‏ه‏]‏ وفي حديث الحسن <لا يُجْهد الرجُلُ مالَه ثم يَقْعد يَسأل الناسَ> أي يُفَرّقه جَميعَه ها هنا وها هنا‏.‏‏(‏ه‏)‏ وفيه <أنه صلى اللّه عليه وسلم نزَلَ بأرضٍ جَهَاد> هي بالفتح‏:‏ الصُّلْبة‏.‏ وقيل‏:‏ التي لا نَبَات بها‏.‏

‏{‏جهر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في صفته صلى اللّه عليه وسلم <من رآه جَهَره> أي عَظُم في عَيْنه‏.‏ يقال جَهَرْت الرجُل واجْتَهَرتُه‏:‏ إذا رأيتَه عَظِيم المَنْظر‏.‏ ورجُل جَهير‏:‏ أي ذو مَنْظر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <إذا رأيْناكُم جَهَرْناكُم> أي أعْجَبَتْنا أجْسَامُكم ‏(‏أنشد الهروي للقطامي‏:‏

شِنْئتُك إذ أبصرتُ جُهْرَك سيّئاً ** وما غيّبَ الأقوامُ تابَعه الجُهْرُ‏)‏‏.‏

وفي حديث خيبر <وجدَ الناسُ بها بَصَلا وثُوماً فجَهَرُوه> أي اسْتَخْرجوه وأكَلُوه‏.‏ يقال جَهَرْتُ البئر إذا كانت مُنْدَفِنَة فأخْرجْتَ ما فيها‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث عائشة تصف أباها رضي اللّه عنهما <اجْتَهَر دُفُن الرَّوَاء> الاجْتِهار‏:‏ الاسْتِخْراج‏.‏ وهذا مَثَل ضَرَبَتْه لإِحْكامِه الأمْرَ بَعْد انْتِشَارِه، شَبَّهَتْه بِرَجُلٍ أتَى على آبار قَد انْدَفَنَ ماؤها فأخْرج ما فيها من الدَّفَن حتى نَبَع الماء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <كلُّ أمَّتي مُعَافًى إلا المُجَاهِرين> هُم الذين جاهَرُوا بمَعَاصِيهم، وأظْهَرُوها، وكَشَفُوا ما سَتَر اللّه عليهم مِنْها فَيَتَحدَّثون به‏.‏ يُقال جَهَرَ، وأجْهَرَ، وجَاهَر‏.‏

ومنه الحديث <وإنّ من الإجْهَار كَذا وكذا> وفي رواية <الجِهَار> وهُما بمعْنى المُجاهَرة‏.‏

ومنه الحديث <لا غِيبَةَ لِفَاسِق ولا مُجَاهِر>‏.‏

وفي حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه كان رجُلا مُجْهِراً> أي صاحب جَهْر ورفْعٍ لصَوْته‏.‏ يقال‏:‏ جَهَرَ بالقول‏:‏ إذا رفع به صَوْتَه فهو جَهِير‏.‏ وأجْهَر فهو مُجْهِر‏:‏ إذا عُرفَ بشِدّة الصَّوت‏.‏ وقال الجوهري <رجُل مِجْهر بكسر الميم: إذا كان من عَادَتِه أن يَجْهَرَ بكلامه>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فإذا امرأة جَهِيرة> أي عالية الصَّوت‏.‏ ويجوز أن يكون من حُسْن المنْظر‏.‏‏(‏س‏)‏ وفي حديث العباس رضي اللّه عنه <أنه نادَى بصَوت له جَهْوَرِيٍّ> أي شَدِيدٍ عال‏.‏ والواو زائدة‏.‏ وهو منسوب إلى جَهْوَر بصَوته‏.‏

‏{‏جهز‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <من لم يَغْزُ ولم يُجَهّزْ غَازِياً> تَجْهِيز الغازِي‏:‏ تَحْمِيله وإعْداد ما يَحْتاج إليه في غَزْوة‏.‏ ومنه تَجْهِيز العَرُوس، وتَجْهيز الميّت‏.‏

وفيه <هل ينتظرون إلاَّ مُفْسداً أو مَوتا مُجْهِزاً> أي سَريعا‏.‏ يُقال أجْهَز على الجَرِيح يُجْهز، إذا أسْرع قَتْلَه وحرَّره‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <لا يُجْهَز على جَرِيحهم> أي مَن صُرِع منهم وكُفِي قِتالُه لا يُقْتَل؛ لأنهم مسْلِمون، والقصْد من قتالِهم دَفْعُ شَرِّهِم، فإذا لم يُمْكِن ذلك إلا بقَتْلهم قُتِلوا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <أنه أتَى على أبي جهل وهو صَرِيع فأجْهَزَ عليه.

{جهش} [ه] في حديث المولد <فأجْهَشَت بالبكاء> الجَهْشُ‏:‏ أن يَفْزَع الإِنسان إلى الإنسان وَيَلْجأ إليه، وهو مع ذلك يريد البُكاء، كما يَفْزَع الصَّبِيُّ إلى أمِّه وأبيه‏.‏ يقال جَهَشْتُ وأجْهَشْتُ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فجَهْشنا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم>‏.‏

‏{‏جهض‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث محمد بن مسلمة رضي اللّه عنه <قال: قَصَدت يوم أحُدٍ رجُلا فجاهَضَنِي عنه أبو سفيان> أي ما نَعَنِي عنه وأزالَنِي‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <فأجْهَضٌوهُم عن أثْقَالِهم> أي نَحَّوْهُم عنها وأزَالُوهم‏.‏ يقال أجْعَضْتُه عن مكانه‏:‏ أي أزَلتَه‏.‏ والإجْهاض‏:‏ الإزْلاَق‏.‏

ومنه الحديث <فأجْهَضَتْ جَنِينها> أي أسْقَطَت حَمْلهَا‏.‏ والسِّقْط‏:‏ جَهِيض‏.‏

‏{‏جهل‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <إنكم لتُجَهِّلُون، وتُبَخِّلُون، وتُجَنِّبُون> أي تَحْمِلُون الآباء على الجَهْلِ حفْظاً لقُلُوبِهم‏.‏ وقد تقدّم في حرف الباء والجيم‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <من اسْتَجْهل مُؤمِنا فعَلَيْه إثْمُه> أي من حَمَله على شيء ليس من خُلُقِه فيغْضِبه فإنما إثْمه على من أحْوَجَه إلى ذلك‏.‏

ومنه حديث الإفك <ولكِن اجْتَهَلَتْه الْحَمِيَّةُ> أي حَمَلَتْه الأنَفَة والغضب على الجهل‏.‏ هكذا جاء في رواية‏.‏

ومنه الحديث <إنّ من العِلْم جَهْلا> قيل‏:‏ هو أن يتَعَلَّم ما لا حاجة إليه كالنُّجوم وعُلُوم الأوائل، ويَدَع ما يَحْتاج إليه في دِينه من عِلم القرآن والسُّنّة‏.‏ وقيل‏:‏ هو أن يَتَكَلّف العالمُ القَولَ فيما لا يَعْلَمه فَيُجَهِّلُه ذلك‏.‏

ومنه الحديث <إنك امْرُؤ فيك جَاهِلِيَّة> قد تكرر ذكرها في الحديث، وهي الحال الَّتي كانت عليها العرب قبل الإسلام؛ من الجَهْل باللّه ورَسُوله وشرائع الدِّين، والمفاخَرة بالأنساب والكِبْرِ والتَّجَبُّر وغير ذلك‏.‏

‏{‏جهم‏}‏ * في حديث طَهْفة <ونَسْتَحِيل الجَهَام> الْجهَام‏:‏ السحاب‏؟‏‏؟‏ الذي فرغ ماؤه‏.‏ ومَن روَى نَسْتَخِيل بالخاء المعجمة‏:‏ أراد لاَ نَتَخَيَّل في السَّحاب خَالاً إلاَّ المطر وإن كان جَهَاماً؛ لِشِدّة حاجَتِنا إليه‏.‏ ومن رواه بالحاء‏:‏ أراد لا نَنْظُر من السَّحاي في حال إلاّ إلى جَهام، من قِلَّة المطر‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه قول كعب بن أسَد لِحُييّ بن أخْطَب <جِئتَني بجَهَام> أي الذي تَعْرِضُه عليَّ من الدّين لا خَيْر فيه، كالجهَام الذي لا ماء فيه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الدعاء <إلى مَن تَكِلُني. إلى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُني؟> أي يَلْقاني بالغِلْظة والوجه الكريه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فتَجَهَّمَني القوم>‏.‏

‏{‏جهنم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ قد تكرر في الحديث ذَكر <جَهَنّم> وهي لفظة أعجمية، وهو اسْم لِنَار الآخرة‏.‏ وقيل هي عربية‏.‏ وسُمّيت بها لبُعْد قَعْرها‏.‏ ومنه رَكِيَّةٌ جِهِنَّام - بكسر الجيم والهاء والتشديد - أي بعيدة القعر‏.‏ وقيل تعريب كهِنّام بالعِبراني‏.‏

 باب الجيم مع الياء

‏{‏جيب‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في صفة نهر الجنة <حافَاتاه الياقوت المُجَيَّب> الذي جاء في كتاب البخاري <اللؤلؤ المُجَوّف> وهو معروف‏.‏ والذي جاء في سنن أبي داود <المُجَيَّب، أو المُجَوّف> بالشَّك‏.‏ والذي جاء في مَعالم السُّنن ‏(‏لأبي سليمان الخطابي‏)‏ <المجيَّب أو المُجوّب> بالباء فيهما على الشك‏.‏ قال‏:‏ معناه الأجْوف‏.‏ وأصله من جُبْتُ الشيء إذا قَطعْتَه‏.‏ والشيء مَجِيبٌ أو مَجُوب، كما قالوا مَشِيبٌ ومَشُوب‏.‏ وانْقِلاب الواو عن الياء كثير في كلامهم‏.‏ فأما مُجَيّب - مُشَدَّداً - فهو من قولهم‏:‏ جَيَّب يُجَيّب فهو مُجَيّب‏:‏ أي مُقَوّر، وكذلك بالواو‏.‏

‏{‏جيح‏}‏ * فيه ذكر <سَيْحان وجَيْحان> وهما نهران بالعواصم عند المَصِيصَة وطَرَسُوس‏.‏

‏{‏جيد‏}‏ * في صفته عليه الصلاة والسلام <كأنّ عُنُقَه جِيدُ دُمْيَة في صفاء الفضة> الجِيد‏:‏ العُنُق‏.‏

وفيه ذكر <أجْياد> هو موضع بأسفل مكة معروف من شِعَابها‏.‏

‏{‏جير‏}‏ * في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما <أنه مَرَّ بِصَاحِب جِير قد سَقَط فأعَانَه> الجِيرُ‏:‏ الجَصُّ، فإذا خُلط بالنُّورة فهو الجَيَّار‏.‏ وقيل‏:‏ الجَيَّاء‏:‏ النُّورة وحْدَها‏.‏

‏{‏جيز‏}‏ * قد تكرر فيه ذكر <الجِيزَة> وهي بكسر الجيم وسكون الياء‏:‏ مدينة تِلْقاء مِصر على النيل‏.‏

‏{‏جيش‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الحديبية <فما زال يَجِيش لهم بالرِّيِّ> أي يَفُور ماؤه ويَرْتَفِع‏.‏

ومنه حديث الاستسقاء <وما يَنْزل حتى يَجِيشَ كلُّ مِيزاب> أي يَتَدَفَّق ويجري بالماء‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <سَتكُون فِتْنَة لا يَهْدَأ منها جانِب إلاَّ جاش منها جانب> أي فَارَ وارْتَفَع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه في صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم <دامِغُ جَيْشَاتِ الأباطِيل> هي جَمْع جَيْشَة‏:‏ وهي المَرة من جَاش إذا ارْتَفَع‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه الحديث <جاؤا بلَحْم فَتَجَيَّشَت (ويروى بالحاء المهملة بمعنى نفرت، وسيجيء) أنْفُس أصحابِه منه> أي غَثَتْ‏.‏ وهو من الارْتِفاع، كأنَ ما في بُطُونهم ارْتَفَعَ إلى حُلُوقهم فحصل الغَثْي‏.‏

وفي حديث البراء بن مالك <وكأنّ نَفْسي جاشَتْ> أي ارتاعَت وخافَتْ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عامر بن فُهَيْرة <فاسْتَجاش عليهم عامِرُ بنُ الطُّفَيْل> أي طَلب لهم الجيْشَ وجَمعه عليهم‏.‏

‏{‏جيض‏}‏ ‏(‏س‏)‏ وفيه <فَجاضَ الناسُ جَيْضَةً> يقال‏:‏ جاض في القتال اذا فرَّ‏.‏ وجاض عن الحَقّ‏:‏ عَدل‏.‏ وأصْلُ الجَيْض‏:‏ المَيْل عن الشيء، ويُرْوى بالحاء والصاد المهملتين‏.‏ وسيذكر في موضعه‏.‏

‏{‏جيف‏}‏ في حديث بدر <أتُكَلِّم ناساً قد جَيَّفُوا> أي انْتَنُوا‏.‏ يقال جَافَتِ الميْتَة، واجْتَافت‏.‏ والجِيفَة‏:‏ جُثة الميت إذا أنْتَن‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <فارْتَفَعَتْ رِيح جِيفَة>‏.‏

وحديث ابن مسعود <لا أعْرِفَنّ أحدكم جيِفَة لَيْل قُطْرُبَ نَهار> أي يَسْعَى طُول نَهارِه لدُنْياه، ويَنَام طُول ليْله، كالْجِيفَة التي لا تَتَحَرّك‏.‏

وفيه <لا يدخل الجنةَ جَيَّافٌ> هو النَّبَّاش‏.‏ سُمِّي به لأنه يأخُذُ الثِّياب عن جِيَف الموتى، أو سُمِّي به لِنَتْن فِعْله‏.‏

‏{‏جيل‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث سعد بن معاذ <ما أعْلَم مِن جِيلٍ كان أخْبَثَ مِنْكم> الجِيلُ‏:‏ الصِّنْف من الناس‏.‏ وقيل الامّه‏.‏ وقيل كل قَوْم يَخْتَصُّون بلُغَةٍ جِيلٌ‏.‏

‏{‏جيا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عيسى عليه السلام <أنه مَرَّ بِنَهْرٍ جَاورَ جِيّضةً مُنْتِنَة> الجِيَّة - بالكسر غير المهموز - مُجْتَمَع الماء في هَبْطَة‏.‏ وقيل أصلُها الهمز وقد تُخَفَّف الياء‏.‏ وقال الجوهري ‏(‏حكاية عن ثعلب‏)‏‏:‏ الجِيَّة‏:‏ الماء المسْتَنْقِقع في الموضع‏.‏

ومنه حديث نافع بن جُبير بن مُطعِم <وتركوك بين قَرْنِها والجِيَّة> قال الزمخشري‏:‏ الجِيَّة بوزن النِّيَّة، والجَيِّة بوزن المرَّة‏:‏ مُسْتَنْقَع الماء‏.‏

وفيه ذِكْر <جِيّ> بكسر الجيم وتشديد الياء‏:‏ وَادٍ بين مكة والمدينة‏.‏